تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول إحدى الجزر التي كانت بها الحياة مكتظة وهي المصدر الرئيسي لصائدي الحيتان، ولكن ما حدث في يوم من الأيام هو أنه قام أحد سكان الجزيرة بإشعال نار من باب المزح مع صائدي الحيتان، ولكن ما حدث هو أن ذلك الحريق تسبب في دمار الجزيرة مدى الحياة.
الشخصيات
- البحار توماس
- الطبيب فريدريك
- البارونة
- زوج البارونة
- عالم الجيولوجيا
- البحار الذي أشعل الحريق
- زوجة الطبيب دور ستراوتش
قصة جزيرة فلوريانا الغريبة
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في واحدة من الجزر التابعة إلى المحيط الهادئ، حيث أنه في يوم من الأيام كان هناك واحدة الجزر وتعرف باسم جزر غالاباغوس، وتلك الجزر كانت في فترة من الفترات المحطة الرئيسية للعديد من صائدي الحيتان، وذلك كان يحدث في القرن الثامن عشر، إذ أنه كان يقضي صائدي الحيتان أوقات طويلة تتمثل في الشهور وحتى السنوات في عمل الصيد، فقد كانوا يقوم باصطياد الحيتان ومن ثم معالجتها؛ وذلك حتى يتمكنوا من استخلاص الزيوت منها، وفي كل رحلة من تلك الرحلات التي يقومون بها كانوا لا يعودوا حتى تكون سفنهم مملوءة ببراميل من زيت الحيتان؛ وما كان يدفعهم لذلك العمل الشاق هو أن زيوت الحيتان من السلع الثمينة والمطلوبة على نطاق واسع من أجل أنها تدخل في صناعة الصابون والشموع.
وخلال رحلة الصيادون كانوا يمرون بالعديد من المحطات، ومن ضمن تلك المحطات كانت جزيرة تعرف باسم فلوريانا، في تلك الفترة كان قد ابتكر البحارة الذين كانوا يمكثون فترة طويلة في رحلات العمل طريقة ذكية من أجل القيام بإيصال الرسائل إلى عائلاتهم، فقد أقاموا بوضع أحد البراميل المصنوعة من الخشب وبه يضعوا رسائلهم على أمل منهم في أن يقوم البحارة العائدون من أخذ رسائلهم ويسلمونها في طريقهم إلى عائلاتهم، وعلى مدار قرن كامل كانت تلك الخدمة البريدية غير العادية المستندة إلى الأمانة والشرف سارية.
وفي كل يوم كانت القوارب تنزل إلى السياج القريب من خليج مكتب البريد والذي كان في تلك الجزيرة، وبعد المسير لمسافة تقدر بعشرات الأمتار عبر الشاطئ الرملي، يتم الوصول إلى ذلك البرميل والذي يكون في حينها مكتظ بالرسائل البريدية وفي يوم من الأيام بينما كانوا هناك مجموعة من الزوار للجزيرة قاموا بالتفتيش بين الرسائل في محاولة منهم إلى إيصالها إلى ذويها، وما كان يصعب الأمر على الزوار في بعض الأحيان هو عدم وجود أي طوابع والتسليم كان بشكل يدوي، وهذا ما كان يجعلهم يسيرون العديد من المسافات البعيدة عن منزلهم من أجل أن يكون باستطاعتهم إيصال الرسائل، وقد كان يحدث ذلك على الرغم من أن هناك العديد من الأشخاص الذين يلتقطون الرسائل في بعض الأحيان ويضعون ختمًا ويرسلونها عبر مكاتب البريد بدلاً من ذلك.
وفي يوم من الأيام هبطت إحدى السفن المخصصة من أجل صيد الحيتان وهي ما كانت تابعة إلى إحدى الحكومات، وفي تلك الأثناء كان يتم العديد من الإجراءات والإصلاحات من أجل إعادة تموين البحارة بالإمدادات الغذائية، وطاقم تلك السفينة استولى على ما يقارب ستين من السلاحف العملاقة، من جزيرة أخرى غير جزر غالاباغوس.
وحينما شاهدوا البحارة ما يقوم به طاقم السفينة من استيلاء على السلاحف قام أحد البحارة بإشعال النار كنوع من المزحة معهم، ولكن ما حدث هو أن ذلك الوقت كان ذروة موسم الجفاف، إذ أنهم لم يتمكنوا من السيطرة على الحريق وإخماده، مما تسبب في حريق الجزيرة بأكملها.
وبعد مرور عدة سنوات عاد أحد البحارة وهو ما كان فتى صغير في ذلك الوقت ويدعى توماس، والذي قام في وقت لاحق بنشر كتاب تحدث به عن غرق السفينة في تلك الجزيرة، وأول ما وصل إلى تلك الجزيرة وجد أنها أصبحت منطقة قاحلة سوداء، فمنذ وقت الحريق وحتى لحظة وصوله لم يكن أين من النباتات ولا حتى الأشجار ظهرت.
وفي يوم من الأيام حينما قام أحد علماء الجيولوجيا بزيارة للجزيرة والتي كانت بعد مرور خمسة عشر عامًا على الحريق، بدأت تنتشر بها الحياة، ولكن على الرغم من إعادة الحياة لتلك الجزيرة، إلا أنه لم يكن هناك أي علامة تشير على وجود السلاحف الأصلية العملاقة؛ وذلك لأن كل من صيادي الحيتان والقراصنة كانوا يصطادونها حتى أنها انقرضت، ومع مرور الوقت تمكنت جزر الإكوادور من ضم تلك الجزيرة إلى أراضيها وتحويلها إلى إحدى المستعمرات، وهذا الأمر تسبب في تدمير الحياة على الجزيرة مرة أخرى.
كما تبين حينها أنه أثناء حدوث الحريق أقلعت السفينة وتوجهت للبحث عن أراضي صيد جديدة في المناطق الجنوبية من المحيط الهادئ، وخلال طريقها اصطدمت السفينة عدة مرات بالعديد من الحواجز حتى غرقت، ولكن الطاقم بقي على قيد الحياة يهيمون في وسط المحيط المفتوح لمدة تقارب على الشهر، حتى وصلوا إلى إحدى الجزر والتي كانت غير مأهولة بالسكان، وهناك بدأوا في تناول من سرطانات البحر وحينما استنفذت موارد الجزيرة، أبحر الطاقم مرة أخرى، ولكن ثلاث منهم قرروا البقاء وعدم المجازفة بأنفسهم.
وعلى مدار عدة أشهر انجرف سبعة عشر من الطاقم في قوارب النجاة، إذ لطالما نفدت وجبات الطعام الذي كانوا قد خزنوه قبل مغادرتهم الجزيرة النائية، وخلال تلك الرحلة كانوا يلقون حتفهم واحدا تلو الآخر، وفي نهاية رحلتهم اضطروا إلى تناول جثث زملائهم الموتى من أجل البقاء على قيد الحياة، ومن بين عشرين شخص نجا ثمانية فقط من تلك المحنة، بما فيهم أولئك الثلاثة الذين اختاروا البقاء في الجزيرة ، وتم إنقاذهم بعد مرور ثلاثة أشهر.
وبعد أكثر من قرن على تلك الحادثة وصل في أحد الأيام واحد من الأطباء ويدعى فريدريك وكان برفقته زوجته وتدعى دور ستراوتش، وهما من أصول ألمانية إلى الجزيرة، حيث قررا الاستقرار فيها تماماً كما فعل الرواد الأوروبيون الأوائل من قبل في المناطق الشمالية وأماكن أخرى.
وقد كان قرارهم ذلك تم تغطيته على نطاق واسع في الصحافة، وهذا الأمر شجع العديد من الآخرين على إتباعها، في وقت لاحق من العام ذاته، وصلت سيدة ومعها زوجها ويدعى روبرت وشخص آخر يدعى رودولف وخادمها من دولة الإكوادور، وأول ما وصلت إلى تلك الجزيرة أعلنت عن خطتها بالقيام ببناء فندق فخم على أراضي تلك الجزيرة والاستقرار هنا وإحياء تلك الجزيرة من جديد.
وفي يوم من الأيام بعد أن أقامت البارونة فندقها ومجموعة من العقارات على أرض تلك الجزيرة، اختفت فجأة وتركت خلفها معظم ممتلكاتها، وبعد فترة وجيزة أصبح يتشاجر كل من مدير أعمالها وزوجها، ولكنه زوجها اضطر للعودة إلى دولة ألمانيا على عجل ومن ثم إلى إحدى الجزر التي تعرف باسم جزيرة سان كريستوبال، ولكن اختفى قاربه، وبعد فترة وجيزة تم اكتشاف رفاته المحنطة بعد أشهر على الشاطئ مع قاربه في جزيرة أخرى تعرف باسم مارشينا.
ولم تنتهي الأحداث الغريبة على تلك الجزيرة عند هذا الحد، إذ اختفى الطبيب فريدريك، وبعد التحقيقات في قضيته تبين أنه توفي على إثر تسمم غذائي بسبب تناول بعض الدجاج المحفوظ بشكل سيئ، وهذا الأمر كان غريب جداً؛ وذلك لأن الطبيب كان نباتيًا، ومنذ ذلك الوقت بدأ سكان تلك الجزيرة بالتناقص.
العبرة من القصة هو أن المزاح في الكثير من الأحيان تكون نتائجه وخيمة، وتتسبب في دمار كبير، وهذا الدمار من المحتمل أن يتحول إلى كارثة ذو بصمة أبدية.