ظهرت على مرّ العصور العديد من الأساطير والخرافات تناقلتها الأجيال جيلاً عبر جيل، ومن تلك القصص ما كانت حقيقية وتم تصديقها ومنها ما كانت مجرد نسج من خيال حكواتي أو شخص يسرد القصص بين الناس، والغالبية العظمى من تلك القصص تم تدوينها في كتب موثقة كما تم ترجمتها إلى العديد من المسلسلات والأفلام السينمائية.
قصة جنون
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول إحدى السيدات التي كانت تستمتع بقطع رؤوس الناس ووضعها أمامها وتتحدث معها، ولكن لم يكن ما قادها إلى ذلك الدفاع عن النفس أو تجنب حدث ما، ولكن ما قادها هو أمر غريب جداً ألا وهو الملل، وهنا يتساءل الإنسان هل ممكن أن يقوده الملل إلى القيام في مثل تلك الجرائم الكبيرة؟ أم أن الغاية في الحقيقة مرض نفسي يلازم الإنسان؟ في البداية تم افتتاح القصة في اللحظة التي جاء بها أحد عناصر الشرطة من أجل أخذ أقوال العجوز في الجرائم التي قامت بها ومعرفة السبب الذي دفعها لذلك.
حيث أن الشرطي كان يجلس على الأريكة في منزل العجوز، إذ يمسك بقلم في يده ودفتر الملاحظات في يده الأخرى من أجل تدون فيه أقوال السيدة العجوز، وما مضت دقائق قليلة حتى حضرت العجوز وفي يدها كوب من الشاي، وقامت بوضعه على المنضدة أمام الشرطي، وهنا عزمت عليه بشرب الشاي وبدأت بالحديث معه وقالت: يا بني قبل أن تأخذنني إلى المخفر وتلقي القبض عليّ، أريد أن أعترف لك بالقصة منذ البداية وبكل صدق دون زيادة أو نقصان، وما هي الأسباب التي قادتني إلى فعل ذلك.
ففي بداية الأمر مرت علي السنين وأصبحت امرأة كبيرة في السن، وأنت تعلم يا عزيزي أن العمر هو أكبر عدو للإنسان، فقد كنت أمضي جلّ وقتي وأنا أجلس بمفردي، فقد كان يمضي بي والناس تهرب مني ولا يودون التودد إلي ولا حتى الجلوس معي، وها أنت تشاهد ذلك بعينك، فإنني امرأة وحيدة عجوز مسنة، أقضي كامل وقتي لوحدي حتى شباب الحي يرفضون دائمًا قضاء الوقت معي للتسلية والحديث، وأنا كنت كل ما أرغب به هو الجلوس مع الناس والحديث معهم، فقط كانت تلك أمنيتي الوحيدة.
وفي ذلك الوقت كان الشرطي ينظر إليها وهو يحدق بوجهها فقد دون أن يحرك شفتيه أو ينطق بكلمة واحدة، وهي أكملت حديثها: وأول ضحية وقعت بين يدي كانت سيدة تدعى أوردواي، حيث جاءت في أحد الأيام تطرق بابي من أجل بيع بعض مستحضرات التجميل، وفي تلك الأثناء قمت بدعوتها إلى الداخل من أجل احتساء كوباً من الشاي وأن ترتاح قليلاً من لفها على البيوت، وبالفعل سرعان ما وافقت وصنعت لها كوبًا من الشاي، وبينما كانت تجلس على ذلك الكرسي المريح، فإنني أتذكر الموقف كما لو أنه حدث يوم أمس.
وفي تلك اللحظة سرعان ما أحضرت الفأس ووقفت خلفها وبشكل مفاجئ قمت بقطع رأسها، أما بالنسبة إلى الشخصية الثانية فقد كان رجل يدعى بيلجمان، حيث كان يعمل كسباك جاء من أجل تصليح بعض التسريبات في أنابيب المياه، وحين كان يأخذ قسطاً من الراحة من عمله، صنعت لها كوبًا من الشاي، وتناولت الفأس من خلف الأريكة وعلى الفور قطعت رأسه.
بينما الشخصية الثالثة فقد كانت من الشخصيات الصعبة المنال، وهو سيد يدعى ليتل جيمي بابيربوي، إذ طلبت منه أن يدخل إلى الداخل من أجل أن أحضر محفظتي وأعطيه المال، دخل ولكنه رفض أن يتناول الشاي، وهنا قمت بإعطائه قطعة من الشكولاتة، فالجميع يعشق الشكولاتة، وحينما بدأ ينغمر مع الطعم اللذيذ قمت بإحضار الفأس وقطعت رأسه كذلك.
وهنا بعد ما انتهيت من قتل مجموعة لا بأس بها قمت بإفراغ جميع الرؤوس من الداخل وحشوتها بمواد تحافظ عليها، وبدأت بوضعهم أمامي من أجل أن أتحدث معهم متى أشاء ليلًا ونهارًا، ولكن في لحظة ما فكرت في أنني ينبغي عليّ أن أستعين بجسم، وهنا عزمت على قتل انجينوس وأفرغت جسمه بالكامل وحشوته بمواد محافظة كذلك، وكلما رغبت في الحديث مع أحد الرؤوس وضعت الرأس على جسم انجينوس، أليست هذه فكرة ذكية يا بني؟
لكن الشرطي حتى لتلك اللحظة لم ينطق بكلمة واحدة للعجوز، وهنا قالت العجوز وهي تتنهد: تلك المرة كذلك أووووه أشعر بالملل أيضاً من كلامنا أيها الشرطي، وبعدها بلحظات قليلة وقفت وتناولت الفأس وقطعت رأس الشرطي، وقامت بوضعه إلى جانب الرؤوس الأخرى على الرف العلوي في منزلها، وجلبت رأس سيدة المبيعات ووضعته على الجسد.