هذه القصة من القصص العالمية التي صدرت عن الكاتب والمؤلف الياباني ياسوناري كاواباتا، وهو من أبرز من أبدع في مجال كتابة وتأليف القصص والروايات، حيث صدر عنه مجموعة كبيرة من الأعمال الأدبية التي حصدت نسبة مبيعات عالية وشهرة واسعة حول العالم.
قصة حادثة الوجه المحتضر
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في تلك اللحظة التي تقوم بها إحدى السيدات بقيادة زوج ابنتها إلى غرفة ابنتها الخاصة التي كانت تحتضر بها في ذلك الوقت، حيث أشارت إليه إلى أن ابنتها والتي هي في الواقع زوجته قد تغيرت حالها وأنه ينبغي عليه أن يهم إلى رؤيتها ويشاهد ما آلت إليه حالها بعد أن ابتعد عنها لمدة، كما أنها في تلك اللحظة كانت تتوق إلى رؤيته مرة أخرى بعد أن كان قد ابتعد عنها لفترة.
وفي تلك الأثناء كانت الحماة تسير على هذا النوع من الحديث، وهي تنطلق بشكل سريع إلى الغرفة، وحين وصلت إلى الغرفة بدأت تلقي بنظرة عليه ونظرة أخرى على فراش ابنتها وهنا طلبت من ابنتها أن تلقي نظره على من أحضرت إليها إلى الغرفة، ولكن ابنتها قد التزمت الصمت.
وفي تلك اللحظة حاولت الحماة مغادرة الغرفة بكل هدوء، ولكن قبل ذلك وبينما كانت مستمرة في الحديث مع زوج ابنتها وشرعت في إزاحة الغطاء عن وجه ابنتها والذي كان قد أسدل عليها، وإذ بشكل مفاجئ تحدث الزوج والذي كان يبدو في تلك الأثناء أنه مرغم ومجبر على الكلام، وقال: لحظة واحدة هل من الممكن أن أراها بشكل منفرد؟ كما أنه هل من الممكن أن تتركوني لوحدي معها في الغرفة؟ وحين تم سماع تلك الكلمات من من قِبل المتواجدين في الغرفة، والتي قد أثارت كلماته التعاطف الجميع في صفوف عائلة زوجته، وبالفعل سرعان ما غادروا الغرفة بكل هدوء، كما تم إغلاق الحاجز الفاصل خلفهم.
وبعد أن خرج الجميع أول ما بدأ الزوج هو إزالة الغطاء الأبيض الذي كان على وجه زوجته، وإذ به يرى أن وجه زوجته قد كان متصلب بعض الشيء، كما أنه كان مكتسب مجموعة من التعابير التي توحي بالشعور بالألم الشديد مما بدا له أنها في حالة احتضار، كما بدت أن وجنتاها غائرتين، وأن أسنانها بدت وكأنها ناصلة ناتئة من بين شفتيها، وبعد لحظات قليلة تغضن لحم جفنيها وأصبح متجعداً وبدا وكأنه ذوا ومتشبث بمحجريها، وفي لحظة ما جمد توتر جلى الألم في جبينها.
وحينما شاهد الزوج ذلك المنظر جلس بمكانه وكأنه تجمد في موضعه وأخذ يحدق في محيا زوجته والذي وصفه بأنه عبارة عن موت قبيح، ثم بعد ذلك قام بوضع يديه واللتان كانتا في تلك اللحظة في حالة رجفان قوية على شفتي زوجته، وقد حاول أن يقوم بإطباق فمها، وبالفعل أفلح في الضغط على شفتيها وإغلاقهن، ولكن حينما رفع يديه وقد عادت شفتاها وتراختا من جديد، وهنا دخلتا في حالة سباق مع يديه، إذ قام بإطباق فمها من جديد، ولكن عادت شفتاها للانفتاح من جديد، وفي ذلك الوقت حاول فعل الشيء ذاته مرارًا وتكرارًا، ولكن النتيجة الوحيدة تمثلت في أن الخطوط الحادة حول فم زوجته بدأت في اللين والاسترخاء.
وفي تلك اللحظة شعر أن هناك حالة انفعال يتزايد في أطراف أصابعه، مما دفعه إلى تدليك جبينها بشكل مستمر، إذ اعتقد بذلك أنه لربما يخفف من حالة القلق والتوتر الجهم المرتسم على ملامحه، وهنا قد ازدادت راحتاه سخونة، فجلس ساكن في موضعه مرة أخرى من جديد، وبدأ يتطلع على المحيا الذي بدأ وكأنه جديد، وفي تلك الأثناء دلفت حماته وشقيقة زوجته الصغرى إلى الغرفة.
وفي ذلك الوقت أوضح الزوج إلى أنه زوجته من المحتمل أنها نالت من التعب والارهاق ما يكفي جراء رحلة القطار التي قامت بها منذ وقت قريب، وهنا أمر بأن يتم إحضار إليها وجبة من الطعام ثم بعد ذلك أن يتركوها لتأخذ قسطًا من الراحة، وهنا سمعت الحماة ذلك الكلام ورأت أنه تغيرت محيا ابنتها انهمرت بالدموع فجأة على وجنتيها، وهنا قالت: إن الروح الإنسانية من الأمور المرعبة والتي لا يمكن لأحد أن يدركها ويعرف ماهيتها.
كما أوضحت أنه من كانت في حالة مزرية، إلا أنها بعد قدوم زوجها قد تغير حالتها بشكل كامل، وأشارت إلى أن الأمر في غاية الغرابة، على الرغم من أن كل ما قام به الزوج هو إلقاء نظرة عليها فقط، إلى أن محياها قد كساه الاسترخاء، وبدأت الآن في خير حال، وفي النهاية تطلعت شقيقة زوجته الصغرى، والتي كانت عيناها مكسوة بصفاء جمال سماوي إلى عينيه اللتين كانتا مسهمين بشيء من الجنون، ثم انخرطت في البكاء.