قصة حديث جعفر عن أبي عيينة

اقرأ في هذا المقال


كتاب البخلاء كتاب كتب فيه الجاحظ وصور بعض صور الشح والبخل لدى الكثير من الناس الذي قابلهم عمرو بن بحر الجاحظ في الزمن الذي عاش فيه، وقد كان يعيش الجاحظ في بلدة مرو وهي عاصمة خراسان، ومن إحدى هذه القصص المشوقة، حديث جعفر عن أبي عيينة.

قصة حديث جعفر عن أبي عيينة

قال جعفر لأبي عيينة: قد أحسن عمل الذي سأل امرأته عن اللحم، فقالت امرأته: فقد تناوله السنور ، فقام أبو عيينة بقياس وزن السنور ثم قال لزوجته: هذا وزن اللحم فأين السنور؟ قال أبو عيينة: كأنك تتصدى لي؟ قال جعفر: إنك والله أهل بيت لذلك، شيخ قد قارب عمره المئة عام، ويعطي الأموال لمن يكرّس جهده في قراءة وفهم العلم، ولمن يصل إلى لذته وصناعته، وأنت يا شيخ ذريتك قليلة، وغلتك فاضلة، وأنت رجل لك في البستان وأصحاب الغرس والزرع ولك في والسوق.

وأنت رجل في الكلأ أيضا، تطلب من هذا وقر، ومن هذا قطعة ساج، فما هذا الحرص كله؟ وما هذا الاجتهاد كله؟ وما هذا العمل؟ فلو كنت في سن الشباب وبعيد الأمل فكيف ستكون؟! ولو كنت كثير النسل والعيال فكيف ستكون؟! فلقد رأيتك فيما حدث تلبس الثياب المهترئة وتجول حافي القدمين نصف النهار! قال: كم أجمجم؟ فلقد علمت بأنك فقدت قطعة من البطيخ، فأصررت في السؤال عن تلك القطعة.

حيث قالوا لك بأن السنور قد أكلها، فقمت برمي باقي القطعة أمام السنور ليتبين لك صدقهم من كذبهم، فالسنور لم يأكل قطعة البطيخ، فلما تحققت من الأمر قمت بتغريمهم ثمن قطعة البطيخ! قالوا لك: كان وقت الليل ومن المحتمل بأن الذي أكلها يكن من سنانير الجيران وليس سنورنا، وسنورنا هذا فقد رميت القطعة له وهو شبعان منه، فلم تلك الغرامة؟ ولكنك أبيت إغرامهم، قال: يا ويلك فإني والله أمنعهم من الفساد ببعض الفساد، فما أصل إلى الحقّ منكم إلا بخوض الباطل.

وهنا نرى إحدى صور البخل، ففي هذه القصة روى لنا الجاحظ قصة جعفر وحديثه مع أبي عيينة، فقد كان رجل كبير السن ويملك الكثير من النقود، ونسله قليل ومع ذلك، لا يملك نعالاً له فهو يمشي نصف نهاره حافي القدمين! فعجباً لبخل هذا الرجل! وعجباً لسوء حال بخله!


شارك المقالة: