تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول أحد الحقول في دولة الهند والذي تمت الإشارة إليه في العديد من التقارير عبر التاريخ أنه يحتوي على الذهب الخالص، وهذا ما دفع أحد الرجال ممن يعملون في مجال التعدين في البحث والتنقيب عليه، ولكنه في النهاية لا يتبين معه شيء.
الشخصيات
- البطل لافيل
- الباحث جون وارن
- رئيس المفوضية ميسور
- الجنرال بيرسفورد
- صاحب شركة التعدين جون تايلور
قصة حقل كولار للذهب
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في دولة الهند، حيث أنه في يوم من الأيام كان هناك أحد الرجال ويدعى لافيل، وهو ما كان يعمل في مجال التعدين وعلى وجه التحديد في مجال تعدين الذهب، وقد بدأت اهتماماته في مجال تعدين الذهب أثناء الفترة التي قام بالمشاركة فيها في الحرب التي قامت في دولة نيوزيلندا، ومع مرور الوقت زاد الحماس بشكل كبير بعدما أن تطرق لقراءة العديد من التقارير التي أنجزها ودونها واحد من المتخصصين في ذلك المجال ويدعى جون وارن، فمن خلال تلك التقارير أشار إلى أن هناك العديد من الاحتياطات لمعدن الذهب والتي من المحتمل توجدها بكثرة في أحد الحقول والذي يشتهر باسم حقل كولار.
كما أنه من خلال تلك التقارير أوضح جون أنه في فترة من الفترات، وعلى وجه التحديد في نهاية التسعينات من القرن السابع عشر قد وصل إلى ذلك الحقل، فبعد أن تم قتل احد السلاطين ويدعى تيبو على يد القوات البريطانية في واحدة من المعارك والتي تعرف باسم معركة سرنجاباتام، حينها قررت الحكومة البريطانية أن تقوم بتسليم مجموعة من الأراضي التي كانت واقعة تحت سيطرة السلطان إلى واحد من الولايات الأميرية وتعرف باسم ولاية مايسور، ومن أجل ذلك كان لا بد في البداية عمل مسح لجميع تلك الأراضي، وعلى إثر ذلك تم استدعاء الباحث جون والذي كان يخدم في ذلك الوقت في فوج الملكة الذي يحمل رقم الثلاثة والثلاثون، وآنذاك تم إرساله إلى ذلك الحقل من أجل أن إتمام تلك المهمة.
وفي ذلك الوقت كان جون قد وقع على مسامعه العديد من الأساطير حول أشخاص كانوا يقومون بالحفر والتنقيب عن معدن الذهب باستخدام أيديهم وقد كان يحدث ذلك أثناء الفترة التي كان يقيم في تلك الحقول واحدة من السلالات والتي تعرف باسم سلالة تشولا، وقد كانت تلك الأمور التي سمع عنها جون أثارت في يوم من الأيام وخلال تواجده في تلك الحقول فضوله من أجل جمع كميات من الذهب، وأول ما قام به هو أنه أعلن عن مكافأة لمن يتمكن من الوصول إلى الذهب الأصفر.
وأول ما أعلن عن ذلك سرعان ما وصل إليه أعداد هائلة من السكان القرويين أمامه بعربات مملوءة بالطين، وأول ما أفرغوا تلك العربات كانوا يقومون بغسله أمام جون؛ وذلك من أجل أن يتم عزل مسحوق الذهب، وفي كل مرة كان جون يستخلص من مئة وعشرون رطل من الطين حبة واحدة من الذهب؛ وذلك بسبب أنه كان يستخدم تلك الطرق البدائية التي يستخدمها القرويين، وهذا الأمر كان يدل على أن وجود هناك احتياطيات كبيرة من معدن الذهب في تلك المنطقة.
وفي فترة ما بين بداية القرن الثامن عشر حتى منتصف القرن، كان هناك العديد من الدراسات التي تشير إلى استكشاف المناطق في تلك المنطقة تحتوي الذهب الصافي، ولكنها تلك المناطق ذهبت هباءً منثوراً، وعلى إثر العديد من الحوادث التي تسببت بها معظم أعمال التعدين، فقد تم إصدار قرار بمنع التعدين تحت الأرض بموجب أحد القوانين الذي أصدر عام 1859م.
بدأ لافيل يستوطن به الحماس نحو تلك المعلومات التي عرفها، وفي السبعينات من القرن الثامن عشر قرر القيام برحلة إلى تلك الحقول، وقد كانت تلك الرحلة تستغرق مسافة ما يقارب ستين ميلاً، وحينما وصل إلى هناك قام بتحديد عدة مواقع للتعدين، ولكن على عكس ما كان قد قام به من قبله، فقد تمكن من الحصول على رواسب من الذهب فقط.
وبعد مرور ما يقارب على العامين من البحث والتنقيب أرسل لافيل للحكومة برقية يطلب فيها رخصة من أجل السماح له بالتعدين الذهب في مجموعة من المناطق، وفي تلك الأثناء كانت الحكومة باعتقادها أنه ليس هناك أدنى تفكير لوجود الذهب، ولذلك سمح له بالبحث عن الفحم فقط، ولكنه أصر على البحث عن الذهب.
وهذا ما جعله يقوم بإرسال برقية إلى أخرى وفي هذه المرة كانت لرئيس مفوضية ويدعى ميسور، وقد أشار من خلال تلك البرقية إلى أنه إذا نجح فيما يبحث عنه، فسوف يكون لهذا الحقل فائدة كبيرة للحكومة، وفي حال فشل في العثور على الذهب لن تتكلف الحكومة أي شيء، وختم برقيته بجمل: أنا لا أطلب أي شيء سوى تصريح للتعدين، وبالفعل لم يمضي وقت قليل حتى حصل لافيل على عقد إيجار للمنجم لمدة عشرين عامًا، ومن هنا بدأ عصر جديد للتعدين عن الذهب في دولة الهند.
وفي ذلك الوقت لم يكن لافيل من الرجال الأثرياء ويمتلكون المال الكافي للقيام بعمليات التعدين، ولكن درجة الحماس التي كان بها والجرأة التي يتحلى بها قادرة على إنشاء مناجم من الذهب، كما أن رغبته في المجازفة والمغامرة جعلته حديث لكافة فئات المجتمع، ولكن ما أعاق طريقه هو أن مدخراته بدأت تنضب يوماً بعد يوم، كما أن لافيل لم يتمكن من تأمين المال اللازم من أجل تحقيق حلمه، وهنا دخل بحالة من اليأس والإحباط، ولكن بسبب الشعبية التي حظي بها جاء إليه دعم من واحد من الجنرالات ويدعى بيرسفورد وثلاثة أشخاص آخرين، وقاموا سوياً بتشكيل شركة، وقد تولت تلك الشركة عملية التعدين.
كما أنه في تلك الأثناء تمت دعوة مجموعة من مهندسي التعدين من كافة أرجاء العالم؛ وذلك من أجل المساهمة في حفر أبار في ذلك الحقل، وبعد مواجهة العديد من الضغوطات من مجموعة من المستثمرين في الشركة والتي كانت ذات الامتيازات المحدودة في وقتها، قامت الشركة بالتشارك مع شركة أخرى كانت قد جلبت هندسة التعدين الحديثة إلى دولة الهند وتعود ملكية تلك الشركة لرجل يدعى جون تايلور وأبنائه، وقد كانت تلك الشركة الجديدة قامت بدعوة مهندسين جدد من إحدى المدن البريطانية وتعرف باسم مدينة نورويش، ومن هنا بدأ العصر الذهبي لذلك الحقل.
ومع تطور العمليات في ذلك الوقت كانت المملكة المتحدة تخطط من أجل جعل ذلك الحقل ثاني أكبر حقل في قارة آسيا، في البداية قامت بتأسيس أول محطة للطاقة في الهند في تلك المنطقة التي يقع بها الحقل، ومن ثم قامت بإنشاء محطة كهرباء عملاقة تنقل الخطوط على طول 148 كيلومتر، والتي كانت تعتبر من أطول الخطوط في العالم، ثم بعد ذلك تم نقل الآلات من المملكة المتحدة والولايات المتحدة ودولة ألمانيا إلى الحقل من خلال عربات تجرها الأفيال والخيول، كما أنه تم القيام باستبدال مصابيح الشموع والكيروسين في الشوارع بمصابيح كهربائية، وبعد مرور عامين أصبحت منطقة الحقل تحصل على إمدادات غير منقطعة من الكهرباء.
ولكن مع كل ذلك، فإن ظروف العمل تحت الأرض غير مطمئنة، حيث وصلت درجات الحرارة تحت الأرض إلى ما يقارب الخمسة والخمسين درجة مئوية، وعلاوة على ذلك كانت الحوادث شائعة وتزداد يوماً بعد يوم هناك، ومع مرور الوقت بدأ احتياطي الذهب في التناقص، كما بدأ العمال الأجانب بمغادرة الحقل شيئاً فشيئاً، ولكن ذلك الحقل بقي ملكًا للإنجليز حتى استقلال دولة الهند، فتم نقل ملكية الحقل إلى حكومة الولاية وإغلاقه بالكامل.
العبرة من القصة هي أنه في الكثير من الأحيان يستوطن الحماس داخل الإنسان حول الحصول على شيء ما، ولكن هناك من يوصله حماسه إلى حلمه، وآخرون لا يجدون من ذلك الحماس شيئاً.