قصة حقيقة حلم

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه القصة من القصص القصيرة التي صدرت عن الكاتب والأديب خوان غونزاليس، وقد تناولت في مضمونها الحديث حول حقيقة حلم شاهده أحد الأطفال كرؤية في منامه بينما كان يستريح في أحد الأماكن المخصصة للاستراحة أثناء عودته من المدرسة إلى المنزل، وعلى الرغم من جمالية المكان الذي حلم الطفل أنه متواجد به، إلا أنه كان يشعر بالرعب والرهبة؛ وذلك بسبب تواجده لوحده دون وجود والديه أو أحد أفراد أسرته إلى جانبه، وحينما أفاق شعر بالسعادة والفرحة جراء تخلص من الخوف والرهبة.

قصة حقيقة حلم

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في أحد الأيام من شهر مايو، حيث أنه في ذلك الوقت من السنة تكون الأشجار مكسوة بالزهور الوردية الخلابة؛ وفي صباح ذلك اليوم بالإضافة إلى منظر الأشجار الزاهية كانت أشعة الشمس ساطعة متلألئة بضوئها الجذاب، وفي لحظة من اللحظات رأى الطفل والذي يدعى شيفي أنه استيقظ من نومه، وحين التفت من حوله في الغرفة لم يجد والداه إلى جانبه، ثم خرج إلى الغرف الأخرى وبحث في كل أرجاء المنزل، ولكنه وجد نفسه وحيدًا في المنزل، إذ لم يجد أياً من والديه أو أي فرد من أفراد أسرته لا أشقاءه أو شقيقاته.

وفي تلك الأثناء تساءل الطفل في تعجب: أين ذهب كل من والدي ووالدتي وأشقائي وتركوني هنا بمفردي؟، حيث كان يشعر بالخوف والرعب جراء مكوثه لوحده في ذلك المنزل، وحينها حاول الخروج إلى الخارج وجد نفسه بأنه في مكان جميل وجذاب للغاية، حيث الأشجار المزدهرة والورود يافعة والأعشاب تتمايل مع نسمات الهواء العليل، وهنا فكر في أن يمشي داخل ذلك المكان؛ وذلك حتى يطلع عليه بشكل أكبر وأوسع ويكتشف كل ما به من جمال وروعة، وفي ذلك المكان على الرغم من أن كانت الأشجار عالية شاهقة وبدت جميع الورود والأزهار تشهق بعيدة عنه، إلا أن كل شيء في ذلك المكان كان يجذبه، وهنا بدأ يسأل نفسه وهو تعتريه الحيرة: لماذا أنا موجود هنا في هذا المكان؟

وفي ذلك الوقت الذي كانت تسيطر عليه الحيرة والتفكر حول السر الذي يكمن خلف أمر ذلك المكان سمع صوت حنون بعض الشيء ولطيف، وهذا الصوت قال له: هل ترغب في معرفة ما هو الشيء الذي يشتاق إليه قلبك في الحقيقة؟ وهنا كرر الطفل السؤال مرة أخرى وقد كان متعجباً من تلك المناظر التي تحيط به وقال: لماذا أنا هنا في هذا المكان؟ وهنا رد عليه الصوت بقوله: لا أعرف من هو المتحدث إليّ، ثم رجع وكرر الطفل السؤال بشكل أوضح قائلًا: أين أنا في هذا المكان؟

ولكن هنا اختفى الصوت تماماً ولم يعد هناك من يجيب الطفل على سؤاله، ولهذا فكر الطفل في أن يتابع المسير إلى داخل المكان، وفي لحظة ما شاهد على جانب الطريق بحر جميل يتميز بطُلعِه الرائع، وفي ذلك الوقت كان الهواء المنعش يتطاير في كافة أرجاء المكان من جهة البحر، والذي بدوره كان يعكس لونه الأزرق بشكل رائع وبديع، وهنا شعر الطفل بطاقة إيجابية كبيرة واستمتع بذلك المنظر وقام بفتح ذراعيه مستقبلًا الهواء ومحتضنه بين ذراعيه، ثم بعد ذلك أخذ التنفس بعمق.

كانت نسمات الهواء تلامس جلده بكل لطف ونعومة، وبدأ الطفل في تأمل المياه المنعشة التي تنحدر وتنساب من حوله في كل اتجاه ومن كل مكان؛ وقد كانت تلك المياه الممتدة على طول المدى هي ذاتها التي تمد البشر بالحياة، كما أنها وصفت بأنها هي تلك المياه التي تدل على تفسير الصفاء والنقاء في أحلام البشر وأمنياتهم، وقد كانت تلك المياه لا يتضح أنه لها نهاية على الاطلاق، إذ بدت أنها موجودة على مدى الأبد.

وفي ذلك الوقت فكر الطفل في أن يستمر في طريقه والمضي قدماً لعل أن يتبادر إلى ذهنه أي شيء حول ذلك المكان، ولكن بعد أن سار لمسافة لا بأس بها أدرك أنه ما زال لم يدرك أي شيء حول ذلك المكان، وقد وصفه بأنه مكان لم يرى مثله قط في يوم من الأيام وأنه غريب وعجيب جداً، وفي لحظة ما سمع صوت أخر يتحدث إليه قائلًا: حين وصلت إلى هنا أيها الطفل لم تعد تحتاج إلى أن تفهم أي شيء، ولكن كل ما ينبغي عليك أن تقوم به وفعله هو أن تمضي بالسير إلى الأمام ولا تنظر إلى الخلف على الإطلاق.

وحينما تراود على مسامع الطفل ذلك الصوت يأمره بأن يمضي في سيره إلى الأمام دون النظر إلى الوراء أطاعه الطفل بكل إرادته وانتقل في ذلك الوقت على ضفاف البحر صوب الاتجاه الأمامي، وفي ذلك الوقت بدأت أمواج البحر ترتفع وتتساقط على قدميه كما كانت المياه تضفي بلطف على القدمين وتغسلهما من حين إلى آخر، وبعد أن غسلت مياه البحر أقدام الطفل عدة مرات فجأة بدأ في الجريان والركض بكل ما به من طاقة وسرعة على مدى طول الشاطئ.

وفي ذلك الوقت بدأ الطفل يشعر وكأنه قد تم سجنه؛ وكما استطردت له ذاكرته بعض الأحلام التي كان يحلم بها في السابق أنه كان يقيم في مكان مثل هذا المكان تماماً؛ ولكن فجأة استيقظ الطفل من نومه، وحينها أدرك أنه كل ما مر به من أحداث هي مجرد حلم عميق وطويل أخذه بيده من أرض الواقع إلى مكان ساحر بعيد؛ ولكنه على الرغم من شدة الجمال الذي كان يطغو على المكان، إلا أنه كان قد شعر فيه بالخوف والوحدة المتوحشة التي لا يستطيع أن يتحملها قط.

كما اكتشف الطفل حينما استيقظ أنه قد قضى فترة من النوم في أحد أماكن المخصصة للاستراحة أثناء طريق عودته من المدرسة إلى البيت، وحينما ألقى نظرة حوله وجد أن معظم الزهور التي كانت مُعلقة على فروع الأشجار قد سقطت وتناثرت على الأرض، وقد كانت تلك الزهور ذات أشكال وألوان مختلفة، كما كانت كثيرة جداً للحد الذي ملأت جوانب الطريق بأكملها، وبينما كانت الورود الجميلة ذات الألوان الأحمر والأبيض والأصفر متناثرة هنا وهناك، وفي ذلك الحين كان الجو ينبئ بأنه سوف تتساقط الأمطار من السماء خلال لحظات قريبة، وهنا أخذ الطفل بالسير مسرعاً باتجاه منزله وكانت تطغو عليه السعادة والفرحة الكبيرة في أنه كان ما يحلم به هو مجرد حلم ولم يكن حقيقة.

المصدر: كتاب دحرج نافذتك قصص أمريكا المنسية من الأدب العالمي - خوان غونزاليس


شارك المقالة: