قصة خلاص فاطمة - الجزء الأول

اقرأ في هذا المقال


قصة خلاص فاطمة أو (Fatima’s deliverance) من كتاب القصة الشرقية الذي يحتوي على سبع حكايات فلكلورية شرقية طويلة للمؤلف، ويلهلم هوف، وقام بترجمتها (G. P. Quackenbos) نشرت عام 1855، قام بنشرها (D. Appleton and Compan) (346 & 348 Broadway, New York)

الشخصيات:

  • مصطفى.
  • فاطمة.
  • والد مصطفى وفاطمة.
  • زعيم العصابة.

قصة خلاص فاطمة – الجزء الأول:

كان مصطفى وفاطمة في نفس العمر تقريبًا، كان مصطفى أكبر من فاطمة بعامين، لقد أحبوا بعضهم البعض بحرارة، وفعلوا كل ما يمكن أن يخفف عبء الشيخوخه على والدهم المعذب، في عيد ميلاد فاطمة السابع عشر، أعد مصطفى مهرجانًا، دعا جميع رفاقها، ووضع أمامهم مأدبة مفضلة في حدائق والدهم، وقبل المساء اقترح عليهم الإبحار قليلاً على البحر، في قارب استأجره وزينه بأسلوب فخم.
شعرت فاطمة ورفاقها بفرح، لأن المساء كان جيداً والمدينة ولا سيما عندما ينظر إليها في المساء من البحر، تعد بآفاق رائعة، ومع ذلك، شعرت الفتيات بسعادة غامرة، لدرجة أنهن ناشدن مصطفى باستمرار أن يذهب بعيدًا على البحر، لكن مصطفى رضخ على مضض، لأنه شاهد قرصان منذ عدة أيام في تلك المنطقة المجاورة.
ليس بعيدًا عن المدينة، كانت الفتيات متلهفات للذهاب لرؤية الشمس تغرق في الماء وبعد أن جذفوا إلى هناك، شاهدوا قارباً يشغله مسلحون، لم يتوقع مصطفى وجودهم ، فأمر المجدفين بإدارة السفينة، والتوجه إلى اليابسة حيث بدت مخاوفه في الواقع مؤكدة، لأن القارب اقترب بسرعة من مصطفى، وعندما علمت الفتيات الصغيرات بالخطر الذي تعرضن له، انطلقن بالصراخ والرثاء وعبثًا سعى مصطفى إلى تهدئتهن، وعبثًا فرض عليهن أن يبقين ساكنات ولكن بلا جدوى.
وعندما اقترب القارب الآخر، ركض الجميع على الجانب الآخر، في هذه الأثناء، كانوا قد لاحظوا من اليابسة اقتراب القارب الغريب، وبقدر ما كانوا قلقين منذ بعض الوقت من القرصان، وكانت شكوكهم متحمسة، وجاءت عدة قوارب من الأرض إلى المساعدة، لكنهم أتوا في الوقت المناسب فقط لالتقاط الغارقين، وفي حالة الارتباك، هرب القارب المعادي.
ومع ذلك، لم يكونوا متأكدين مما إذا كان الجميع قد تم إنقاذهم، وعندما اقتربوا من بعضهم البعض، وجد مصطفى أن أخته فاطمة وأحد رفاقها في عداد المفقودين، في الوقت نفسه تم اكتشاف شخص غريب في عددهم لا يعرفه أحد، و رداً على تهديدات مصطفى، اعترف بأنه ينتمي إلى السفينة المعادية التي كانت راسية على بعد ميلين من جهة الشرق، وأن رفاقه قد تركوه ورائهم في هروبهم المتسارع.

كان حزن والد مصطفى العجوز بلا حدود، لكن مصطفى أيضًا كان مصابًا حتى الموت، لأنه ليس فقط قد فقدت أخته الحبيبة، واتهم نفسه بأنه سبب سوء حظها، ولكن أيضًا رفيقتها التي كانت قد اختطفت هي الأخرى، كان قد وعده بها والداها كزوجة له، و لم يجرؤ بعد على الاعتراف بذلك لأبيه، لأن عائلتها كانت فقيرة، لكن والده كان رجلاً صارماً، حالما هدأ حزنه قليلاً، دعا مصطفى وكلمه، وقال له: لقد حرمتني حماقتك من عزاء شيخوخي ومن بهجة عيني، اذهب! أنا أبعدك عن عيني إلى الأبد! ألعنك أنت وذريتك وفقط عندما تعيد لي فاطمة، سيكون رأسك خاليًا تمامًا من غضب الأب!
وعند عودته إلى المنزل من أجل الاستعداد لرحلته، بدا أن غضب والده قد هدأ قليلاً، لأنه أرسل له محفظة مليئة بالذهب لدعمه أثناء سفره، عندئذ أخذ مصطفى والدموع بعينيه الإذن من والده وانطلق في طريق بلصورة، سافر مصطفى برًا، لأنه لم تكن هناك سفينة من مدينتة الصغيرة تذهب مباشرة إلى بلصورة، لذلك اضطر إلى استخدام كل الرحلات الاستكشافية حتى لا يصل طويلاً بعد لصوص البحر.
كان يمتلك حصانًا جيدًا وأمتعة، وكان يأمل أن يصل إلى هذه المدينة بنهاية اليوم السادس، لكن في مساء اليوم الرابع، بينما كان يركب وحيدًا في طريقه، جاء عليه ثلاثة رجال فجأة، بعد أن لاحظ أنهم رجال مسلحون جيداً وأقوياء، وسعوا للحصول على أمواله وفرسه، بدلاً من حياته، ثم صرخ أنه سوف يسلم نفسه لهم فترجلوا وربطوا رجليه تحت حصانه، ثم وضعوه في وسطهم، ودون أن ينطق بكلمة واحدة انطلقوا بسرعة معه.
أسلم مصطفى نفسه ليأس كئيب، و بدت لعنة أبيه قد بدأت بالفعل وكيف يمكن أن يأمل في إنقاذ أخته وخطيبته زريدة ، إذا سلب منه كل موارده حتى يكون قادرًا على تكريس حياته البائسة للخلاص؟ ربما كان مصطفى ورفاقه اللصوص الصامتون قد ركبوا حوالي ساعة عندما دخلوا واديًا صغيرًا، كان الوادي محاطًا بالأشجار العالية والعشب الناعم وجدول يجري بسرعة في وسطه يدعو للراحة.
في هذا المكان تم نصب من خمسة عشر إلى عشرين خيمة، تم تثبيت الجمال والخيول الرفيعة على جوانبها من إحدى هذه الخيام بدا بوضوح لحن الغيتار، ممزوجًا بصوتين رجوليين، بدا لمصطفى كما لو أن الأشخاص الذين اختاروا مكانًا مثل ذلك رائعًا للراحة، لا يمكن أن يكون لديهم نوايا شريرة تجاهه وبناءً عليه وبدون أي مخاوف أطاع استدعاءات قادته الذين فكوا قدميه وأصدروا إشارات له ليتبعوها.
اقتادوه إلى خيمة كانت أكبر من البقية، وكانت من الداخل مهيأة بشكل رائع وبها والسجاد المنسوج، والمبخرات المذهبة، كانت ستحظى بالرفاهية والاحترام في أي مكان آخر، ولكن هنا لم يبد سوى غنائم عصابة لصوص، على إحدى الوسائد كان رجل عجوز وصغير متكئًا، ووجهه قبيح وله جلد بني داكن ولامع، وفم ماكر وخبيث كلها مجتمعة لجعل مظهره كله كريهًا.
عند دخول الرجال، استفسروا عن الرجل الصغير وقالوا: أين العزيز؟ كان الجواب: لقد خرج في رحلة صيد قصيرة، لكنه كلفني بالاهتمام بشؤونه، ثمّ عاد أحد اللصوص وقال: لأنه يجب أن يتم تحديد ما إذا كان هذا الكلب سيموت أم سيتم استبداله بفدية، وأن العزيز يعرف أفضل منك، وفجأة، انفتح باب الخيمة وسار رجل طويل وفخم وشاب ووسيم مثل أمير فارسي، كانت ملابسه وأسلحته بسيطة، لكن عينه الجادة ومظهره الكامل يتطلب الاحترام دون خوف مثير.
ثمّ ساد السكون العميق لوقت طويل حتى أخبره أحد الذين أسروا مصطفى أخيرًا قصة مصطفى، ثمّ قاد الثلاثة مصطفى أمام سيد الخيمة الذي كان يتكئ على الوسادة، فقالوا: هنا نأتي إليك بالذي أمرتنا بأخذه، فنظر إلى السجين لبعض الوقت، ثم قال: يا باشا الصليقة، لماذا تقف أمام أورباسان؟ عندما سمع مصطفى هذا انحنى وأجاب: يا سيدي، أنا فقير مسكين، لست الشخص الذي تبحث عنه لكن سيد الخيمة قال: يمكن للنقاش أن يساعدك قليلاً، لأنني سأستدعى الأشخاص الذين يعرفونك جيدًا.
فأمرهم بإحضار امرأة عجوز إلى الخيمة، وعند سؤالها عما إذا كانت تعرفت في مصطفى على أنه باشا الصليقة، أجابت: نعم، حقا! وأقسم بالله هو الباشا ولا غيره! فقال السيد: أترى أيها الحقير أنك كاذب؟ ثمّ صرخ بنبرة غاضبة، أنت مثير للشفقة بالنسبة لي لدرجة، ولكن في الغد، عندما تشرق الشمس سأربطك بذيل حصاني وأركض معك عبر الغابة حتى ينفصل جسدك وراء تلال صليقة!
فصرخ مصطفى وهو يبكي: إنها لعنة أبي القاسية التي تحثني على الموت المخزي، وأنت أيضا تائهة أيتها الأخت الحلوة، وأنت يا زريدة! فقال أحد اللصوص وهو يقيد يديه خلف ظهره: نواحك لا يساعدك، فالزعيم يعض شفتيه ويشعر بخنجره، إذا كنت ستعيش ليلة أخرى، فهدأ من نفسك!
وبينما كان اللصوص يقودون مصطفى من الخيمة، التقوا بثلاثة من رفاقهم الذين كانوا يدفعون أسيراً جديداً أمامهم. دخلوا معه، وقالوا لزعيمهم: أتينا اليك بالباشا، كما أمرت وأثناء قيامهم بذلك أتيحت الفرصة لمصطفى للنظر إليه، وتفاجأ من التشابه اللافت الذي حمله هذا الرجل له في شكله لشكل مصطفى، والفرق الوحيد هو أنه كان أكثر كآبة وله لحية سوداء، بدا الزعيم الجبار مندهشًا كثيرًا من التشابه بين الأسرى.
سأل وهو ينظر بالتناوب إلى مصطفى والآخر: أي منكم هو الباشا الحقيقي؟ فأجاب الأخير بنبرة متغطرسة: إذا كنت تقصد باشا الصليقة، فأنا هو! فنظر إليه الزعيم لفترة طويلة بعينه القاتلة الرهيبة، ثم أشار إليهم بصمت ليخرجه، وبعد أن فعل هذا، اقترب من مصطفى وقطع رباطه بخنجره، ودعاه بإشارات للجلوس على الوسادة بجانبه، ثمّ قال: إنه يحزنني أيها الغريب، لأنني أخذتك بدل من هذا الشرير، وأنا اعتذر لك عن هذا الخطأ.
عندئذ، ناشده مصطفى فقط للحصول على إذن لمتابعة رحلته على الفور، لأن هذا التأخير قد يكلفه الكثير، فسأله الزعيم عن العمل الذي يمكن أن يتطلب مثل هذا التسرع، وعندما أخبره مصطفى بكل شيء، أقنعه بقضاء تلك الليلة في خيمته والسماح لجواده ببعض الراحة، ووعده في صباح اليوم التالي بأن يريه طريقًا سيوصله إلى بالصورة خلال يوم ونصف، فوافق مصطفى ونام بهدوء حتى الصباح في خيمة السارق.
وعند الاستيقاظ، وجد نفسه وحيدًا في الخيمة ولكن سمع عدة أصوات في محادثة بدا أنها تخص الرجل الصغير الداكن ورئيس قطاع الطرق، فسمع لحظة، وسمع رغبه الرجل الصغير يحث الآخر بشغف على قتله، لأنه إذا تركه يمكنه أن يخونهم جميعًا، فأدرك مصطفى على الفور أن الرجل الصغير يكرهه لأنه كان السبب في معاملته القاسية في اليوم السابق، ولكن قال الرجل الآخر: لا، هو ضيفي، وقوانين الضيافة مقدسة عندي: علاوة على ذلك، فهو لا يمكن أن يكون الشخص الذي يخوننا.
بعد أن قال هذا، دخل وقال: السلام عليك يا مصطفى! لنتذوق شراب الصباح، ثم نستعد لرحلتك، وقدم لمصطفى كوبًا من الشراب، وبعد أن شربوا وركب مصطفى حصانه وذهب معه الزعيم وسرعان ما أداروا ظهورهم للخيام واتخذوا طريقا واسعا أدى إلى الغابة، وعند مدخل الغابة فحص الزعيم حصانه.
وأظهر مصطفى الطريق وسلم بيده على مصطفى وقال له هذه الكلمات: مصطفى، لقد أصبحت بطريقة غريبة ضيف السارق أورباسان، لن أطلب منك سوى ألا تخون ما رأيت وسمعت، لقد تحملت آلام الموت ظلماً، وأنا مدين لك باعتذار، خذ هذا الخنجر كتذكار، وعندما تحتاج إلى مساعدة، أرسله إلي وسأسرع إلى مساعدتك وخذ هذه الحقيبة التي قد تحتاجها في رحلتك .
شكره مصطفى على كرمه، وأخذ الخنجر، وكان مندهشًا من شهامة مضيفه العظيمة، لأنها تحتوي على كمية كبيرة من الذهب، وشكر الله على خلاصه وأثنى على السارق الكريم برحمته، وانطلق مرة أخرى بشجاعة جديدة على طريق بالصورة.



شارك المقالة: