قصة دي بي كوير D B Cooper

اقرأ في هذا المقال


من الأمور التي من غير الممكن أن تنتهي بنهايات جميلة هي النصب والاحتيال والخداع والمكر بالآخرين، وهذا الأمر من طبيعة الحياة فكل ساق سيُسقى بما سقى، وفي قصتنا هذه أكبر دليل على ذلك، تابع معنا عزيزي القارئ إلى النهاية لتتضح لك الرؤيا.

قصة دي بي كوير

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في إحدى الولايات من الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تمحورت الأحداث حول شخص يدعى دان كوبر، كان ذلك الشخص من الأشخاص الذين يعتمدون على أسلوب المكر والخداع والنصب والاحتيال في نهج حياتهم، على الرغم من أن دان كان من الأشخاص الذين يهتمون بمظهرهم الخارجي إلى حد كبير، فأي شخص يراه من الخارج لا يصدق أن شخص بهذه اللباقة والذوق الرفيع في ارتداء الملابس والتي يشتريها من أغلى وأثمن الماركات أن يتصف بهذه الصفات.

ولم يكن دان ممن تسد رغبتهم الأموال القليلة أو عمليات النصب والاحتيال التي تعود بالمردود الزهيد، وإنما كان على الدوام يطمح بتفكيره إلى عمليات نصب واحتيال كبيرة وعلى مستوى عالي؛ وذلك حتى يجني منها مبالغ طائلة وهائلة، ففي يوم من الأيام كان قد عزم دان على استقلال واحدة من بين الطائرات المدنية التابعة إلى مطار بورتلاند أور، وقد كان ذلك الحدث في السبعينات من القرن التاسع عشر، وقد كانت تلك الطائرة في وجهتها إلى إحدى المدن القريبة من مدينته والتي تتبع إلى واحدة من المدن التي تعرف باسم مدينة سياتل.

وفي ذلك الوقت كان من المعروف أن المدة التي تستغرقها تلك الرحلة من مدينته إلى مدينة ستايل هو ما يقارب على النصف ساعة فقط لا أكثر من ذلك، وفي ذلك الحين حينما كان دان قد وصل المطار كانت الأمطار تنهمر بغزارة فقام وركب طيارته، وفي تلك اللحظة كان يرتدي حول عنقه معطف خفيف بعض الشيء، ولكنه كان يحميه ويققيه من تلك الأمطار الغزيرة، وكالمعتاد كان ذلك المعطف من المعاطف التي أنتجتها أفخم الماركات العالمية وكل من يرى ذلك المعطف يلفت انتباهه بالإضافة إلى بدلة مميزة ذات ربطة عنق، وكل من البدلة وربطة العنق والمعطف كانت جميعهم باللون الأسود القاتم.

وأول ما جلس دان في مقعده كان قد انطلقت الطائرة في رحلتها، في بداية الطيران كانت كافة الأمور في تلك الرحلة تسير على ما يرام، وكان يبدو دان لجميع الركاب في الطائرة أن شخص أنيق وعلى مستوى عالي من الذوق الرفيع، وبعد مرور بضعة دقائق من الرحلة وبشكل مفاجئ بدأ دان في إظهار ذات الجانب الحقيقي من شخصيته وقام بالكشف عن مخططه المؤذي والخبيث.

وأول خطوة في مخططه ذلك هو أن قام بالنداء إلى مضيفة الطيران التي كانت معه على ذات الرحلة، وحينما لبت طلبه وحضرت إليه أشار إليها أنه يريد أن يهمس في أذنها حول أمر بالغ الأهمية، وهناك اعتقدت المضيفة أن هناك خطب ما على متن الرحلة لا يعجب ذلك الرجل الرفيع المستوى، ولكن حينما دنت منه هنا كانت الصدمة والدهشة إذ همس في أذنها أنه بحوزته قنبلة مفجرة، وأنه في حال لم تقوم بتنفيذ كل ما يطلبه منها سوف يقوم بالقذف في القنبلة وتفجير الطائرة بركابها أكملهم.

وهنا دب الرعب في قلب وعقل المضيفة ولا تعرف ماذا بها تفعل، وبعد أن فكرت للحظات قليلة وجدت أنه من الأفضل لها ومن أجل المحافظة على سلامة الجميع على تلك الرحلة أن تصغي إلى طلبات ذلك السيد، وهنا تحدثت إليه وأشارت أنها موافقة على كل أمر يطلبه منها وأنها سوف تقوم بتنفيذه على الفور، وفي تلك اللحظة كان المخطط الذي يدور في ذهن دان هو من أجل مصالح شخصية والحصول في النهاية على فدية تقدر بما يقارب ألفين دولار أمريكي.

وقد كان طلب السيد دان من المضيفة بتنفيذ كافة طلباته هو المطلب الأول، بينما كان المطلب الثاني فقد طلب منها أن تقوم على الفور بتأمين أربعة من المضلات الموجودة على متن الطائرة والتي تعد من مخصصات الرحلة، وأكد عليها أن تكون تلك المظلات سليمة وجاهزة للقفز، وقد أفاد دان بطلبه هذا على الرغم من أنه كان يعلم تمامًا أنه في رحلات الطيران المدني لا يوجد مثل تلك التجهيزات، وأن تلك التجهيزات تكون في تلك الطائرات الحربية والتابعة إلى قوات الجيش.

ولكن مع كل ذلك طلب من المضيفة تأمينهن، وهنا المضيفة شعرت بالخوف؛ وذلك لأنها كانت تدرك أنه لا يمكنه أن يقوم بدفع أحد الركاب من تلك الطائرة دون وجود مظلات للقفز؛ وذلك لأن الارتفاع كان شاهق، وهذا الأمر خطير للغاية وقد يودي بحياة أي من الركاب الموجودين على متن الرحلة.

وفي تلك الأثناء بعد أن فكرت المضيفة في طلبه للحظات طلبت منه أن يصبر عليها لحين أن تصل إلى مدينة ستايل، وهناك أول ما تحط رجلها في ذلك المطار سوف تقوم بإعداد وتهيئة وتجهيز كامل ما يرغب في الحصول عليه، وقد بررت قولها ذلك بأن المطار الذي سوف يحطون به هو مطار دولي ويوجد به كافة الأمور التي يطلبها، وبالفعل أول ما وصلت تلك المضيفة إلى المطار الدولي الذي يوجد في إحدى المدن التابعة إلى ولاية ستايل والتي تعرف باسم مدينة تاكوما، قامت وطلبت من الركاب البقاء في الطائرة للحظات.

وعلى الفور توجهت إلى الداخل وقامت بتأمين المظلات ومبلغ مالي كان قد طلبه منها السيد دان كذلك وحضرت إلى الطائرة وقدمته إليه، وهنا ما فعله المحتال كان أسوأ، إذ سمح للجميع بالخروج من تلك الرحلة ما عدا أربعة ممن كانوا على متن الرحلة، إذ أصر دان على أن يبقوا معه.

وقد كانوا هؤلاء الأشخاص الأربعة هم الشخصية الأولى فتاة تدعى تينا، وهي ما كانت تعمل كمضيفة على متن الرحلة، والشخصية الثانية كانت تتمثل من يدعى ألكسندر وهو ما كان الطيار الذي يقود الرحلة، بالإضافة إلى شخص يدعى فرانك وهو ما كان يعمل كمهندس طيران على متن الرحلة، والشخصية الرابعة والأخيرة كانت تتمثل في شخص يدعى توم وهو ما كانت مهمته تتمثل في مساعد الطيار.

وأول ما استفرد بهم المحتال أخذ بالحديث معهم عن المخطط الذي يطمح إلى تحقيقه، وطلب منهم أن يشاركوه من أجل تنفيذ مخططه على أكمل وجه، اضطروا هؤلاء الفريق على الموافقة على طلبه؛ وذلك خوفاً من أن يقوم بقذف القنبلة وتفجير الطائرة بهم، ثم بعد ذلك تم فحص الطائرة والتأكد من أن كافة أجهزتها تسير على ما يرام وتم أخذ التدابير اللازمة ومن ثم تم الإقلاع بشكل على الفور.

أول ما أقلع السيد المحتال معهم في الطائرة أخبرهم أنه يريد في البداية أن يتوجه إلى إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة مكسيكو، وهي ما تعرف على أنها عاصمة دولة المكسيك، وفي تلك الرحلة كان قد أمر الطيار المسؤول عن الطائرة بأن تتم رحلة الطيران على أبسط وأقل ارتفاع ممكن، كما وجهه أوامره بأن تكون سرعة الطائرة أقل سرعة ممكنة؛ وقد برر ذلك أمام السيد المحتال أنه من أجل البقاء في جانب الأمان

وبعد فترة من الوقت تم الوصول إلى الوجهة المقرر الهبوط إليها، ولكن ما هو غريب ومدهش في الأمر أنه حينما نزل الرجل المحتال من الطائرة إلى يومنا هذا لا يعرف أي شخص حوله شيئاً، إذ اختفى ولم يتم الوصول إلى خبر عنه أو عن جثته، وبقي لغزه محير للعالم.

المصدر: كتاب من روائع الأدب الأمريكي المعاصر - توني موريسون - 2014


شارك المقالة: