الحياة يعيشها الإنسان مرة واحدة، ولذلك ينبغي على الإنسان أن يستمتع بكل لحظة فيها، وأن يسعى جاهداً من أجل عدم ضياع أي فرصة تمنحه السعادة والسرور، وأن يحافظ على العلاقات في حياته ويدرك أن لها قيمه كبيرة وتأثير كبير على نفسية الفرد، ولا يسير إلى هدمها جراء أتفه الأسباب، فالحياة قد لا تمهلك الوقت الكثير وقد لا تعطيه الفرصة الكافية من أجل إصلاح ما فسد منها.
قصة ذكرى زواج
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول الشخصية الرئيسية فيها وهي سيدة تدعى ريا، حيث أن تلك السيدة كانت قد تزوجت في يوم من الأيام من رجل يدعى مانوج، وقد كان ذلك الزواج قد أسفر عن قصة حب بينهم دامت لعدة سنوات، وزواج تلك السيدة عن حب جعلها باستمرار تفيض بحشد كبير من المشاعر الرومانسية والعاطفية تجاه زوجها في بداية زواجهم، وقد كان هو كذلك يبادلها ذات المشاعر، إذ يكن له مشاعر مفعمة بالحب والاحترام والتقدير.
ولكن بعد مرور فترة على هذا الزواج بدأت علاقتهم تسير باتجاه مختلف عما كانت عليه، إذ أخذت الخلافات والمشاكل تعرف طريقها إليهم، فقد كثر بينهم الجدال والعراك، ولم يكن سبب تلك الخلافات أمور مهمة وكبيرة، وإنما كانت تحدث على أتفه الأمور، وفي يوم من الأيام جلست ريا لوحدها وبدأت تفكر في كيف أن أصبحت علاقتهم وكيف كانت في السابق، وهنا شعرت أن مشاعر الحب والاحترام التي كان يكنها لها مانوج قد بدأت بالتلاشي شيئاً فشيئاً، وقد أوشكت على الاختفاء تماماً.
وفي تلك الأيام كانت الذكرى السنوية لموعد زواجهم قد اقتربت، وعلى أثر ذلك حاولت ريا أن تسير باتجاه أخر في محاولة منها لتهدئ من روع الأمور التي بدأت تشعر بسببها بالاضطراب والتوتر بداخلها، وقررت الانتظار إلى أن يحين يوم الذكرى السنوية وترى زوجها ماذا يفعل من أجلها في ذلك اليوم؛ وذلك من أجل أن تتأكد من أنه ما زال يكن لها تلك المشاعر والأحاسيس بالحب، أم أنها انتهت بداخله، وهل سوف يتذكر ذكرى زواجهما أم لا.
وفي اليوم الذي كان الذكرى السنوية لزواجهم، حين عاد زوجها من عمله ورن جرس المنزل، سرعان ما توجهت نحو الباب وفتحته وقد استقبلت زوجها والابتسامة تطغو على شفتيها وبين يديها باقة من الورود، وقد كانت تلك العادة اعتادت على فعلها منذ فترة زواجهم، وقد كانت باقة الزهور التي بين يديها قد أعدتها من أجمل أنواع الزهور المفضلة لدى زوجها، فلما دخل زوجها وشاهدها بهذا المنظر أمامه فرح كثيراً بذلك الاستقبال وسرعان ما احتضها وقبلها على جبينها، وحينها أخذا يخططان من أجل الذهاب لتناول الحلوى وسماع الموسيقى والاحتفال سوياً بهذا اليوم الجميل؛ وقد قرّرا بأن ذلك اليوم سوف يكون من أجل أن يعوضان جميع ما حصل بينهم من الخلافات في الفترة السابقة.
في تلك الأثناء وبينما كانا يتحدثان حول ذلك الأمر ويخططان له فجأة رن جرس الهاتف، والذي كان موجود في غرفة النوم، وهنا توجهت ريا إلى الغرفة للرد عليه، وحين ردت على المكالمة الهاتفية سمعت صوت لم يتردد على مسامعها من قِبل، وحين سألته عن هويته وما هو طلبه؟ رد عليها بأنه أحد الضباط الذين يعملون لدى مركز الشرطة، وبدأ يسألها إذا كان ذلك الرقم الهاتفي يعود إلى زوجها السيد مانوج كومار.
وفي تلك اللحظة بدأ الخوف والريبة تدخل في جسد ريا، فأجابت الضابط: نعم، وهنا تحدث معها الضابط بصوت كان يتخلله نبرة حادة وقال: عذراً يا سيدتي لقد وقع في صباح هذا اليوم حادث مع رجل، وعند تناول محفظته والتفتيش بها للتعرف على هويته حصلنا على هذا الرقم، هل من الممكن أن تحضري إلى المركز الأمني الآن وعلى الفور؛ وذلك من أجل أن تحددي لنا إن كان هو زوجك السيد مانوج بالفعل أم لا؟ وحين سمعت ريا بهذا الكلام أصيبت بالصدمة المريبة وقالت باندهاش: ولكن زوجي معي هنا في المنزل.
وهنا اعتذر منها الضابط وقال: آسف يا سيدتي، ولكن الحادث قد وقع في فترة ما بعد الظهر، وقد حصل الحادث حين كان السيد مانوج يحاول أن يصعد إلى الحافلة ويستقلها، وفي تلك اللحظة كادت ريا على وشك أن تفقد صوابها وعقلها، وتساءلت كيف يمكن أن يحدث هذا وكيف أن مانوج موجود معها بالغرفة منذ لحظات، يا هل ترى هل كان ما حدث معي مجرد حلم؟
ومن هنا أخذت الأفكار تتضارب هنا وهناك في رأس ريا وأدخلت في دوامه، ولا تعرف أي الأمور تصدق، هو تواجد زوجها معها أم كلام الضابط، وتلك المتاهة التي دخلت بها بسببها بدأ يدور بخلدها مجموعة من القصص التي كانت تتحدث عن الأرواح العائدة والتي بدورها كانت مولعة بقراءتها وتسيطر على تفكيرها معظم الوقت، إذ قرأت في إحدى القصص أن بعض الموتى يعودون من أجل لقاء أحبتهم للمرة الأخيرة ويودعونهم قبل أن يتركوهم للأبد.
وهنا غرقت ريا في كم من المشاعر الحزينة، ولكنها حاولت مراراً وتكراراً أن تطرد تلك الفكرة وهذه الهواجس من تفكيرها وعقلها، وتوجهت نحو الغرفة الثانية من أجل التأكد من وجود زوجها، ولكن ما أدخلها بحالة أكثر صدمة هو أنه لم يكن زوجها موجود هناك في تلك الغرفة.
وهنا أخذت في الحديث مع نفسها وقالت: من المستحيل أنني أحلم، يا إلهي لقد تركني زوجي إلى الأبد، وبدأت تتمنى الموت لنفسها وقالت: ليتني أموت أنا الأخرى أموت كي ألحق به، فلا أريد أن أعيش بقية حياتي وأنا أشعر بالذنب على تلك الخلافات التي كانت تدور بيننا، وأطلب منه أن يسامحني على كل لحظة تخللها العراك والجدال بيننا، لقد فقدت أكثر الأشياء جمالاً في حياتي، يا ليت كنت أستطيع إصلاح الأمور قبل أن يغادر، وما أن انتهت من قول ذلك الكلام حتى هوت على الأرض من شدة الألم والندم اللذان شعرت بهما في تلك اللحظة.
ولكن ما حدث بشكل مفاجئ في ذلك الوقت هو أنه صدرت أصوات من الضجيج وقد انبعثت تلك الأصوات من جهة التواليت، وحين توجهت إلى ذلك المكان حتى ترى سبب ذلك الضجيج وحين نظرت إلى الداخل بتأني، وإذ بها تشاهد مانوج يقف خلف الباب ويجفف شعره، وحين شاهدها قال لها: حبيبتي نسيت أن أخبرك أن اليوم وقعت معي حادثة أثناء عودتي إلى المنزل، وفي تلك الحادثة تمت سرقت محفظتي بينما كنت على متن الحافلة، وحين سمعت ذلك أدركت ريا أن زوجها ما زال على قيد الحياة وأنه لم يموت في ذلك الحادث، ولكن أدركت أيضاً أن ما حدث معها كان مجرد إشارة من الله، كما أدركت أن تم إعطائها فرصة أخرى من أجل أن تصلح كل شيء بينهما.
