تناولت القصة في مضمونها الحديث حول سيدة أرملة كانت تعيش حالة مزرية من الفقر والجوع مع أطفالها في منزل والديها، وذات يوم جاء جنديان وطلبا منها تجهيز طعام لهما، وحينما عادا لم تُعجبهما طريقة الطهي، ولكن الطعام كان من نصيب أطفالها ووالديها.
الشخصيات
- الأرملة
- الجنديان
- الأطفال
- الجد
- الجدة
قصة رقائق البطاطس
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في جمهورية بولندا، حيث أنه في يوم من الأيام كانت تعيش سيدة أرملة وأطفالها في منزل والديها الصغير، كانت تلك السيدة في مقتبل العمر وتتميز بجمالها الفائق، إلا أنها تعيش في ظروف سيئة للغاية، إذ كانت ووالديها يعيشون في حالة فقر مضنٍ، وفي أغلب الأوقات لم يتمكنوا من الحصول على قوت يومهم، وكل ذلك كان بسبب اندلاع حرب كبيرة في ذلك الوقت، وفي يوم من الأيام فكرت تلك العائلة بأن تقوم بزراعة كل الكرنب والجزر في الساحة الخلفية للمنزل، وعلى الرغم من حصولهم على دجاجة تدر عليهم البيض، إلا أن ذلك البيض التي تحطه الدجاجة يومياً كان لا يغطي حاجة تلك العائلة من الطعام.
كما أنه جراء تلك الظروف السيئة التي تمر بها تلك العائلة والبلاد كانوا الأطفال لا يذهبوا إلى المدرسة؛ وذلك لأن كافة المدارس مغلقة، ولكن مع ذلك كان الأطفال محظوظين؛ لأن والدتهم كانت الفتاة الأكثر ذكاءً في فصلها حينما كانت في المدرسة، ولذا كانت قادرة على تعليمهم كل ما يحتاجون إلى معرفته، وحينما يحل المساء كانت تقوم بتعليمهم القراءة والكتابة، ومن الأمور التي كانوا معتادين عليها هي الذهاب إلى الغابة ورؤية المكان الذي ينمو به الفطر الصالح للأكل، وفي كل مرة توضح لهم والدتهم ما الفرق بين النباتات السامة والجذور التي يمكن أن تأكلها، وحتى أنها كانت تعرفهم على النباتات التي لها أوراق الغنية بالعصير وكيف يمكن مضغها، وتقدمها لهم لكن الأطفال ما زالوا يعانون من الجوع.
وفي صباح أحد الأيام بينما كان الجميع في الطابق العلوي من المنزل، سمعوا صوت طرق على الباب، وهنا قالت الجدة: ربما يأتي جنود ليأخذونا بعيداً، وهنا تحدث الجد مع ابنته الأرملة وقال: لا تجيبي على الباب قد يتم إلقاء القبض عليك لأنك علمت الأطفال، فقالت الأرملة: ولكن يا والدي الجنود لا يطرقون، قد يكون أحد الجيران بحاجة إلى مساعدة، ونزلت لتفتح الباب، وكانت هنا المفاجئة، إذ كان هناك بالفعل جنديان، كلاهما يرتديان الزي ذو اللون الرمادي ويحملان بنادق على أكتافهما.
وفي تلك اللحظة رفع أحدهم كيساً كبيرًا، وقال للأرملة: نحن نعمل في الحقول المجاورة اليوم ونريد رقائق البطاطا للغداء، خذي واطبخي هذا، وقال الجندي ذو الشعر الأسود: سوف نعود عند الثانية عشرة ظهراً، فلتكن تلك الرقائق جاهزة حينها، واستدارا الجنود وتوجها نحو المزرعة المجاورة.
وفي تلك الأثناء تساءلت الأرملة قائلة: ماذا يقصدون بالرقائق؟ ولم تلبث لحظات حتى نزلت العائلة بأكملها لترى ماذا يحدث، فسألتهم: ما هي الرقائق؟ ولكن لم يسمع أي من أفراد الأسرة بمثل هذا الشيء من قبل، وعندما فتحت الأرملة الكيس، كشفت عن بطاطس جديدة كبيرة وجميلة، وهنا شهقت العائلة مندهشة، إذ لم يروا هذا الكم من البطاطا منذ ذهاب والدهم إلى الحرب، فتساءلت الأرملة في نفسها: كيف سأخرج منها رقائق؟ إنني لا أعرف ما هي الرقائق، وهنا ردت عليها والدتها وقالت: إنها بطاطس، نحن نعرف كيف نطبخ البطاطس! سنقوم بفركها وتقشيرها وغليها للجنود، ثم بعد ذلك نصنع حساء من التقشير لأنفسنا! هيا دعينا نبدأ.
وعلى الفور قدمت الجدة لكل طفل كمية من البطاطس وطلبت منهم غسلها وتقشيرها، وعندما تم ذلك أشعلت النار ووضعت أكبر قدر من البطاطس للطهي، وفي تلك الأثناء جلست العائلة بأكملها حول النار في المطبخ تشاهد فقاعة الماء وهي تغلي، وفي لحظة ما قالت الجدة: ربما ينبغي أن نضيف بعض الأعشاب، حينها قامت الأرملة بإضافة بعض من الكرنب على قدر البطاطس، ومن ثم طلبت منها الجدة إضافة قليل من الفطر، وهنا أرسلت الأرملة الأطفال الأكبر سنًا إلى الغابة من أجل القيام بجمع أكبر أنواع الفطر والنباتات والتوت وأكثرها عصارة.
وأول ما عادوا الأطفال قام كلا منهم بإضافة بعض من المكونات التي جلبوها، وبقوا جميعهم في ذلك المطبخ الصغير حتى دقت بطون الأطفال واتسعت أعينهم مع الجوع، وفي لحظة ما سألوا: متى يمكننا أن نأكل؟ قالت الأرملة: عندما يذهب الجنود، وفي تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً طرق الباب، وهنا على الفور قالت الأرملة لأطفالها: اجلسوا واخفوا قشور البطاطس حتى نتمكن من استخدامها لصنع حساءنا.
وأول ما فتحت الأرملة الباب دعت الجنود للحضور والجلوس على طاولة المطبخ الصغير، والأطفال ينظرون إليهم، شاهد الأطفال الجنود وهم يخلعون قبعاتهم ويجلسون على الكراسي على الطاولة الصغيرة، قامت الأرملة بإعداد الطاولة بوعائيين ووضعت ملعقتين وشوكتين، كانت كل الأنظار على الجنود بينما كانت الأرملة تحمل القدر من النار إلى المائدة، أخذ الجندي ذو الشعر الفاتح بعض خبز من إحدى جيوبه وقام بتمزيقها قطعًا صغيرة وشاركها مع صديقه حينما تم وضع القدر أمامهم، وأول ما رفعت الأرملة الغطاء عن القدر، حدق الجنديان في حالة من الدهشة وهي تغرف مرق البطاطس وتضعها في الوعاءين.
وفي تلك اللحظة صاح أحد الجنود: ما هذا نحن نريد رقائق، وهنا قالت الأرملة: هذه هي الطريقة التي نطبخ بها البطاطس، فصرخ أحد الجنود ورمى المعلقة التي تغرف بها الأرملة البطاطس وقال: هذه ليست طريقة طهي البطاطس، ولكن الجندي الثاني قام بتهدئته وقال له: دعنا نأكل فنحن جياع، استسلم الجندي للجوع وحاول أن يبدأ بالطعام، وأول ما تذوق طعم الأكل على الفور قام بذرف قدر البطاطس على المائدة على الأرض، وعاد وصرخ مرة أخرى بالأرملة وقال: ما هذه السخافة؟ إن هذا الطعام لا يصلح للحيوانات، وهنا سرعان ما تراجعت الأرملة للخلف خشية أن يقوم الجندي بضربها وانكمش الأطفال والجدة كانت تحاول تهدئتهم.
وفي تلك اللحظة اشتاط الجندي غضباً وقام من على الطاولة ورفع بندقيته على كتفه وشد الحزام على صدره، حينها قالت الأرملة: أنا آسف، إنها الوصفة المفضلة لدينا، فرد عليها الجندي: هل هذه وصفة مفضلة؟! وأخذ بالضحك والسخرية والاستهزاء، وأشار إلى زميله الجندي بيديه وقال: دعنا نغادر قصر الفلاحين الأغبياء الذين لا يعرفون حتى كيف يطبخون البطاطس، وبهذا خرج كلاهما من منزل الأرملة.
وفي تلك الأثناء عندما تأكد الجميع من رحيل الجنود خارج المنزل، قامت العائلة على الفور بإضافة قشور البطاطس إلى القدر وطهوا الكمية بأكملها، كما أضافوا بعض الأعشاب لمزيد من النكهة، ثم اجتمعوا جميعًا حول الطاولة وتقاسموا أروع حساء على الإطلاق، وغمسوا قطعًا كبيرة من الخبز الذي تركه الجندي خلفه في المرق المشبع بالبخار حتى امتلأت بطونهم.
العبرة من القصة هو أن الله لا ينسى أحد من خلقه، فعلى الرغم من شدة حالات الضيق التي يعيشها الإنسان، إلا أنه لا بد أن يأتي ذلك اليوم التي يتلقى بها الفرج من حيث لا يحتسب.