قصة زمرد للكاتب إيفان بونين

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه القصة من القصص القصيرة التي صدرت عن الكاتب والأديب ايفان الكسييفيتشى بونين، وقد طرح من خلال القصة قضية التفكر في الكون والعديد من التساؤلات التي دارت في ذهنه خلال قيامه إلى زيارة إلى دول الشرق الأوسط، وقد استطاع أن يجسّد تلك الصورة بطرق بديعة من خلال رؤية منظر بديع في السماء.

قصة زمرد

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول وصف سماء أحد الأيام، إذ كان الليل ساج كما كانت السماء متأججة باللون الأزرق الداكن تتغلغل بها جموع من السحب العائمة التي تتميز بسكونها، والتي كانت تتميز بلونها الأبيض في كل مكان، وقد كانت تلك الغيوم متناثرة بالقرب من القمر، وحين يطالع المرء إلى كل تلك المناظر بشكل جلي، فإنه يتراءى على أنظاره وكأن هناك شيئاً ما يعوم في ذلك الظلام ليس السحب، بل هو القمر المنير، كما يتضح أنه بالقرب منه تنهمر الدموع الذهبية والتي كان ذلك هو وصف للنجوم الساطعة بلونها الذهبي البراق، وفي تلك الأثناء كان القمر يمضي بشكل انسيابي صوب العلى الذي لا قرار له، ويحمل إلى جانبه عدد هائل من النجوم إلى أعلى وأعلى.

وفي ذلك الوقت من المساء كان هناك فتاة تدعى توليا تجلس في أحد الجوانب في غرفتها، وقد كان في ذلك الجانب به نافذة مفتوحة على مصراعيها، ومن خلال تلك النافذة كانت تلك الفتاة تحدق النظر وتتطلع إلى السماء العالية، إذ مالت برأسها إلى أقصى حد، وعلى أثر ذلك الانحناء القوي أصيبت بدوار خفيف نوعاً ما، كما تسببت الحركة التي تدور في السماء بازدياد ذلك الصداع، وفي تلك الأثناء دخل إلى غرفتها شقيقها الذي يدعى كيسا وشقيقتها التي تدعى اندرييفنا وجلسا عند ركبتيها وبدأوا بالنظر والتحديق كذلك في تلك المناظر المسائية البديعية.

وفي تلك الأثناء تساءل شقيقها: أي لون بديع هذا؟ إنني لا أتمكن من التمييز والجزم؟ وأنتِ يا توليا هل استطعت الجزم وتحديد اسم هذا اللون، ولكن توليا ردت عليه بسؤال تركت له فيه حرية الإبداع في معرفة اللون وقالت: حدد أنت اللون يا كيسا؟ فأجابها: لا تتركي لي ذلك الأمر فأنا تهت في ذلك الإبداع المتقن والساحر ولا أستطيع أن أحدد ذلك اللون، حيث أن منظر هذه السماء في وسط الغيوم تبرز منظر رهيب وساحر، لا بد أنه لون سماوي، إذ لم أرى قد مثل تلك الألوان على سطح الكرة الأرضية، ولكن حين أعاد النظر وحدق جيداً بدأ له أن توصل إلى تحديد ذلك اللون وأشار إلى أن هذا اللون يشبه إلى حد كبير لون الزمرد.

ولكنه أشار إلى أنه ما دام اللون موجود في السماء فمن المؤكد أن يكون لون سماوي، ولكن لما طغى لون الزمرد على تلك المناظر، وهنا سألته توليا: لماذا قلت أنه لون الزمرد؟ وما هو الزمرد؟ إنني لم أشاهده في حياتي على الإطلاق، وهل حقاً أن هذا اللون هو لون الزمر أم أن مجرد كلمة أعجبتك، وهنا قال كيسا: نعم، لكن لا أعلم في الحقيقة ربما لم يكن لون الزمرد بل من ألوان الياقوت، فكل ما أعرفه هو أن ذلك المنظر يبدو وكأنه لا يوجد حقًا على أرض الواقع، ولا يمكننا رؤية مثل تلك المناظر البديعة إلا في الجنة.

وأكمل حديثه بقوله: حيث أنه حين يحدق المرء النظر في مثل تلك المناظر البديعة كيف له أن لا يصدق بوجود الله عزّ وجل والجنة والملائكة، وأكمل وصفه بقوله حيث يكون هناك اجاص ذات لون ذهبي يتدلى من صفصافة، وهنا صرخت به توليا وقالت: يا لك من أحمق، كيف تصف الذات الإلهية إلى جانب حبات الإجاص، لقد كنت على حق حين قلت في السابق أن أسوأ فتاة أفضل من أي شاب.

ثم بعد ذلك جاءت إلى توليا قطتها التي كانت ترعاها، حيث أن تلك القطة الصغيرة كان صوتها خفيف لطيف وترتدي فستان من الشيت المنقط، كما تلبس برجليها نعل رخيص، وهنا بدأت القطة تمد برأسها نحو توليا من أجل مداعبتها والتخفيف من حيرتها، إذ شعرت بأن صاحبتها في حيرة من أمرها وتفكر في ذلك الإبداع الكوني ويدور في ذهنها العديد من الأسئلة حوله، ولكن لم تجد من يجيبها عليها، فاغرورقت عيناها بالدموع حتى جأشت بالبكاء.


شارك المقالة: