من المعروف عن الذكاء المفرط هو أنه يجعل من صاحبه إنسان وشخص مبدع ومتميز في مجال من المجالات، ولكن هل من الممكن أن يقود الذكاء الزائد عن حدة إلى اقتراف الجرائم؟ تابع معنا عزيزي القارئ هذه القصة لنرى الإجابة على هذا السؤال.
قصة سفاح رقعة الشطرنج
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول أحد الأشخاص من دولة روسيا، وقد كان ذلك الشخص والذي يدعى ألكسندر وهو من الشخصيات الاجتماعية اللطيفة منذ أن كان طفلاً صغيراً، ولكن ما حدث معه في يوم من الأيام وقلب الأمور رأساً على عقب هو أنه تعرض لحادثة غيرته بشكل جذري، حيث أنه بينما كان يتمرجح على أرجوحته سقط على الأرض وارتطم رأسه بحجر وحينما حاول النهوض ضربت الأرجوحة جبهته، وحينما تم نقله إلى المستشفى أقر الأطباء بعد الاطلاع على حاله أن تلك الضربة قد تسببت بإتلاف جزء من القشرة الأمامية للدماغ، وهذا الأمر عادة يكون سبب في حدوث بعض الاضطرابات السلوكية كما أنها تساهم إلى حد كبير في حدوث ميول عدوانية لدى الشخص المصاب.
وبالفعل ومن ذلك اليوم وقد تحولت شخصية الفتى ألكسندر إلى شخصية مندفعة وعدوانية وعنيفة للغاية، ومنذ ذلك اليوم كان ألكسندر قد بدأ في تهديد زملائه في المدرسة، ولم يتوقف تهديده على التهديد بالضرب والعنف، بل كان يتوسع الأمر إلى أن وصل به الأمر إلى الشتم، وبعد أن تلقت والدته شكوى من إدارة المدرسة قررت أن تقوم بنقله إلى واحدة من المدارس التي تُعنى وتهتم بمن يواجهون صعوبات في التعلم.
ومع مرور الوقت كان قد وصل ألكسندر إلى مرحلة المراهقة، وفي يوم من الأيام بينما كان جالس يتبادل الحديث مع جده، أدرك جده أن ألكسندر يتمتع بدرجة عالية جدًا من الذكاء والفطنة، وشعر أن لديه العديد من المواهب التي يتميز بها عن غيره، وأنه في حال استمر على هذه الحال فإنه سوف يفقد تلك المواهب جراء عدم الاهتمام والتقدير لما يتميز به، ومن هنا قرر جده أن يقوم باصطحابه معه إلى منزله، وأن يقوم بتنمية مواهبة وتعليمه أحد أنواع الألعاب الرياضية التي تحتاج إلى قدر عالي من الذكاء كالذي يتمتع به.
وبالفعل منذ ذلك اليوم ويومياً يفرغ جده بعض الوقت ويقوم بلعب تلك اللعبة معه، وبدأ يعلمه قوانين لعبة الشطرنج، وبالفعل أبدع بها، حتى أن جده قد سمح له بأن يغتنم الفرص ويقوم بالمشاركة في المباريات، وقد كانت المباريات بين ألكسندر وأشخاص يفوقونه عمرًا وفي النهاية كان يفوز عليهم، وفي تلك المباريات كان ألكسندر يجد متنفس لتفريغ العدوان الذي يكمن داخله.
وبقي ألكسندر على هذا الحال إلى أن جاء اليوم الذي توفي به جده، وفي ذلك اليوم بدأت الأمور تنقلب رأساً على عقب مرة أخرى من جديد، وقد أصبح ألكسندر شخص أكثر عدوانية وعصبية مما كان به في السابق، وأول ما فكر به هو أنه قام بترك منزل جده وعاد إلى منزل والدته ليقيم هناك، وفي تلك الفترة كان يحاول أن يخرج من حالة الحزن الكبيرة التي تعتريه على فراق جده من خلال تناوله للكحوليات، وفي كل مباراة كان يعلم بها كان يخوضها ودخل العديد من السباقات، ولم يكن تناول الكحوليات قبل الدخول في المباريات يؤثر على ألكسندر، ففي كل مباراة كان يخوضها كان الشغف بتلك اللعبة يزداد.
وقد كانت أول جريمة قام بارتكابها في بداية القرن التاسع عشر، حيث أنه في يوم من الأيام قرر أن يقوم بجرائم قتل بعدد تلك المربعات الموجودة على الرقعة التي تتم عليها اللعبة، وبعد أن أتم الجرائم بذلك العدد قرر من جديد أنه لن يتوقف عن جرائم القتل ما دام لم يتم القبض عليه.
في بداية تلك الجرائم كان ألكسندر يختار أولئك الرجال المتقدمين في السن، وكان يجذبهم للقيام بجريمته بإغرائهم بشرب الكحوليات مجاناً برفقته، ولكن بعد أن يتناولون المشروبات يقوم ألكسندر بضربهم من خلال استخدام مطرقة يضرب بها رسهم ليهشمها، ثم بعد ذلك يقوم بوضع زجاجة الكحوليات في جرح الرأس الغائر، وكان أسلوبه في مهاجمة الضحية يكون من الخلف؛ وقد كان هدفه من ذلك هو أنه يتجنب أن لا تسيل الدماء على ثيابه، وبعد فترة وجيزة أصبحت ضحاياه تمتد لكل من الرجال والنساء والأطفال سواء.
وفي يوم من الأيام بعد أن تم إلقاء القبض على ألكسندر أقر أنه كلما كان يقتل كان يشعر بأنه يقوم بتنفيذ إرادة الله، وأنه يقدم على القتل من أجل أن يعيش، فمن وجهة نظرة أن الحياة بدون قتل ليس لها أي طعم أو لذة، كما كان يشعر بأنه بتلك الجرائم يساهم في فتح الطريق أمام العالم الآخر، وبعد أن تم عرض ألكسندر على الأطباء المتخصصون في أحد المعاهد الذي يعرف باسم معهد سيربسكي، أقروا جميع الأطباء الذين كشفوا عليه بأنه على الرغم من أنه يتمتع بقوى عقلية عالية، إلا أنه يعاني من بعض الاضطرابات النفسية والشخصية المعادية للمجتمع إلى جانب ذلك فهو مصاب بما يعرف بالنرجسية.
وحسب السجلات والوثائق تمت الإشارة إلى أن ألكسندر تم اعتقاله مرة واحدة فقط، وقد حدث ذلك في إحدى المرات حينما تم إثبات أنه مرتكب جرائم بيستا، وبعد إلقاء القبض عليه قام بتصوير كيفية ارتكابه لجرائمه وإعادة تمثيلها بشكل تفصيلي، وكان البعض من تلك الضحايا قد قتلوا بأسلوب وطريقة مختلفة تماماً بعيدة عن مطرقة الرأس، حيث قام بالإلقاء بهم في واحدة من شبكات الصرف الصحي التي كان يعمل بها أسفل حديقة بيتسا.
وقد كانت الجريمة التي ساهمت في إلقاء القبض على ألكسندر هي مقتل سيدة تدعى مارينا وهي ما تبلغ من العمر الستة والثلاثين عامًا، حيث تم العثور على جثتها في تلك الحديقة، وقد كان بحوزتها داخل الحقيبة إحدى تذاكر المترو، ومن خلال فحص الكاميرات في المحطة توصل رجال التحقيقات إلى مرافقة ألكسندر لها قبل أن يتم مقتلها داخل محطة المترو، هذا ما دفع إلى توقيفه واعتقاله فورًا.
في النهاية تم إلقاء القبض عليه في شهر يونيو من عام 2006م، وقد أصدر عليه حكم المحكمة بعد عام واحد من إلقاء القبض عليه، وبعد العديد من التحريات والتحقيقات تبين أنه ارتكب تسعة وأربعون جريمة قتل من جميع الفئات العمرية، وثلاثة محاولات بالقتل ولكن لم يتوفوا، ثم بعد ذلك طلبت المحكمة الروسية إضافة إحدى عشر جريمة قتل أخرى إلى جرائمه، وقد وصل عدد جرائمه إلى ستون جريمة قتل إلى جانب الثلاث ضحايا الباقين على قيد الحياة حتى الوقت الحالي.
وأخيراً تم وضع ألكسندر في قفص زجاجي أثناء محاكمته؛ وذلك من أجل تأمين الحماية له من بطش ذوي ضحاياه وأهاليهم، واستغرق أمر الحكم عليه مع القاضي ساعة واحدة فقط، من أجل إصدار الحكم بالسجن مدى الحياة، بالإضافة إلى خمسة عشر عاماً من ذلك الحكم بالسجن الانفرادي.