تُعتبر هذه القصة من روائع الأدب الأمريكي، وقد تمحور الحديث فيها حول ملاك يأتي للأرض ويتواصل مع طبيبة شابة، ويقعان في حب بعضهما البعض، وتكون النهاية حزينة، إذ أنه بعد تحوله إلى بشر من أجلها تلقى الطبيبة حتفها بحادث سير.
قصة مدينة الملائكة
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول أحد الملائكة، وقد كان ذلك الملاك الذي يطلق عليه اسم سيث وهو من بين الكثير من الملائكة الذين يختصون بمراقبة الأشخاص على كوكب الأرض ويقدمون له المساعدة، ولكن بطريقة غير مرئية، وفي فترة من الفترات كانت المسؤولية الرئيسية التي تترتب على هذا الملاك هي الظهور أمام الأشخاص الذين كانوا على شرفة الموت، وأنه يتوجب عليه حينما يظهر أمامهم يرشدهم إلى الحياة التي سوف يقضونها في الجنة، وأثناء قيام الملاك بتلك المهمة سمع أحد من زملائه الملائكة والذي يدعى كاسيي، وهو يقوم بطرح سؤال على من هم قريبين من الموت عن أكثر شيء مفضل لهم في الحياة.
وعلى الرغم من أن هؤلاء الملائكة يقومون بمثل تلك اللقاءات بشكل يومي، إلا أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى حقيقة ثابتة حول مدى الفهم والإدراك للبشر وطرقهم في التفكير بالحياة؛ وقد كان السبب في ذلك يعود إلى أن الملائكة يفتقرون إلى تلك الحواس التي يتميز بها بني البشرية، وهذا ما جعلهم لا يمكنهم كذلك الإحاطة بكل ما يلم به العقل البشري.
وفي يوم من الأيام توجه الملاك إلى أحد المستشفيات، وسبب توجهه إلى هناك هو أنه كان في انتظار شخص يجري عملية جراحية خطيرة في القلب؛ وذلك حتى يرافقه إلى العالم الآخر، وبينما كان في نطاق غرفة العمليات تأثر بشكل كبير بسبب رؤيته إلى تلك الجهود المستمرة التي تبذلها الطبيبة الجراحية التي تدعى ماجي راجز وهي تحاول بكل ما لديها بأن تنقذ حياة الرجل الذي بين يديها في العملية، وقد كانت تشعر نحو ذلك المريض بألم كبير وصادق، وكانت تفكر أنها في حال لم تقوم بإنقاذه تكون طبيبة فاشلة.
وقد كانت تلك الطبيبة من الناس الذين لا يؤمنون بحقيقة وجود ملائكة على وجه الأرض، وكل ما كانت تؤمن به هو أن مهنتها كطبيبة سوف تجعل منها إنسانة قادرة على إنقاذ أرواح كثيرة من البشر، وخلال فترة وجيزة أصبح الملاك منشغل إلى حد كبير جداً بحياة الطبيبة ويبدأ بالشعور نحوها بمشاعر غريبة، وما يضعه بحيرة هو أنه لا يجد أي تفسير لتلك المشاعر، وفي تلك الأثناء قرر أن يصبح ملاك مرئي لها، وبالفعل هذا ما حصل وأصبحا صديقان، وبعد مرور فترة وجيزة تطورت علاقة الصداقة بينهم بشكل سريع، إلى أن تحولت إلى إعجاب متبادل من كلا الطرفين ومن ثم أصبحت العلاقة بينهم علاقة حب عميقة جداً، وعلى الرغم من أن الطبيبة كانت مرتبطة عاطفياً في تلك الفترة مع أحد زملائها من الأطباء ويدعى جوردان.
وفي يوم من الأيام التقى الملاك في المستشفى مع شخص يدعى ناثرانا ماسنجر، أحد المرضى السابقين للطبيبة، وهذا المريض كان لديه مقدرة في الشعور بوجوده وكذلك كان يستشعر بوجود الملائكة الآخرين، وفي ذلك اليوم صرح المريض بسر للملاك وهو أنه كان في يوم من الأيام ملاكًا كذلك مثله تماماً، ولكنه جراء إرادته الحرة في رغبته بالمساواة بين البشر والملائكة، فقد قرر أن يكون بشر وذلك من خلال ما يعرف لدى الملائكة بالسقوط، وقد كان يقصد بها أن الملاك يسقط ويعيش على سطح الأرض، وحينما سمع الملاك بذلك من المريض رغب في أن يقدم على ذلك حتى يتمكن من الاستمرار في العيش مع الطبيبة، إذ كانت قد أدركت أنه ملاك.
وحينما اتخذ الملاك القرار شرع بتجربة كافة المشاعر والأحاسيس الإنسانية الطبيعية والتي لم يكن فيما سبق قادر على فهمها، وهذه المشاعر كانت تتجسد في أنه يشعر بأي إصابة جسدية ويشعر بالألم كذلك، وبعد أن انتهى من عملية تحويله أول ما فكر به هو أن يذهب من أجل رؤية الطبيبة في المستشفى ويخبرها بما قام به من أجلها، إلا أنه أول ما وصل إلى المستشفى تم إخباره أنها ذهبت إلى كوخ عمها الواقع على قمة أحد الجبال؛ وذلك من أجل قضاء فترة من الاسترخاء والراحة.
وفي ذلك الوقت كان الملاك المتحول شخص بلا خبرة ولا يفهم بعد تلك الحياة التي يعيشها البشر، وبالإضافة إلى ذلك كان لا يملك أي من المال حتى يتمكن من دفع تكاليف اللحاق بالطبيبة، وهذا الأمر قد دفع به إلى السرقة، ثم بعد ذلك اتجه للقيام برحلة بحرية نحو إحدى البحيرات التي تعرف باسم بحيرة تاهو؛ وذلك حتى يصل إلى الكوخ الذي تقيم به الطبيبة، وبعد أن انتهى من الرحلة ظهر بملابسه المبللة بالماء ويرتعش من شدة البرد، وحين وصل على أعتاب الكوخ وشاهدته الطبيبة أدركت أنه ترك مكانته الملائكية من أجل أنه يحبها حباً عظيماً، وفي ذلك الجبل قضيا وقتاً رومنسياً ممتعاً.
في صباح اليوم التالي بينما كان الملاك المتحول يقوم بالاستحمام، قامت الطبيبة بأخذ دراجتها وتوجهت نحو محل الحلويات القريب من الكوخ، وأثناء طريق عودتها كانت تشعر بسعادة عارمة، حينها قامت بقيادة دراجتها وهي مغمضة عينيها وفاتحة ذراعيها على مصراعيها وكأنها تحتضن الحياة بين يديها، ولكن تلك السعادة لم تستمر طويلاً، حيث أنها تعرضت إلى حادثة اصطدام بشاحنة.
وفي تلك اللحظة شعر الملاك المتحول أن حبيبته الطبيبة في مأزق فيجري حتى يساعدها، وحين وصل إلى مكان الحادث أخبرته الطبيبة في وهي تلتقط آخر أنفاسها أنها ترى الملاك الذي سوف يرافقها إلى السماء، وعلى الرغم من أنه لم يعد بإمكانه رؤية الملائكة، إلا أنه كان متأكد من وجودهم حولها فتوسل إليها أن لا تنظر إليهم وتبقى معه، فهو من ترك كل شيء فقط من أجل أن يبقى إلى جانبها، ولكنها تشير إليه بأنها لم تعد خائفة وحينما يسألها الملاك حول أكثر أمر كانت تفضله في هذه الحياة سوف تخبره عنه، وهنا أغمضت عيناها وتوفيت.
وفي النهاية أصبح الملاك وحيد وحزين، وفي لحظة من اللحظات جاء إليه الملاك كاسيي، وقد قام بسؤاله حول عما إذا كان ما يمر به هو عقاب له كونه قد ترك الجنة من أجل أن يعيش حياة البشر، وبعد حوار دار بينهما أكد الملاك المتحول لكاسيي أن الأمر ليس كذلك، فهو سعيد جداً لكونه أصبح من بني البشر وأنه أصبح بمقدوره التصالح مع حياته البشرية الجديدة من خلال الركض عبر المحيط والشعور بتصادم أمواج البحر.