تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول فتى كان في العاشرة من عمره اضطر للانتقال إلى بلد آخر بسبب عمل والده الجديد، ولكن كان يستوطنه الخوف من المجتمع الجديد وتكوين صداقات جديدة.
الشخصيات
- الفتى هارجيت سينغ
- والد هارجيت السيد سينغ
- الطالب بيير
قصة شجاعة هارجيت
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في دولة فرنسا، حيث أنه في أحد الأيام في واحد من المطارات كان هناك فتى يدعى هارجيت سينغ يجلس على المقعد في المطار في انتظار وصول حقيبته، كان هارجيت متعب للغاية، والطقس بارد جداً وهو من الأمور غير المعتاد عليها في دولته الهند، وفي تلك الأثناء نادى عليه والده وطلب منه أن يسرع؛ وذلك لأن السائق ليس بإمكانه الانتظار أكثر، في تلك اللحظة كان هارجيت يشعر بالاستياء؛ وذلك لأنه لم يكن يرغب بالمجيء إلى باريس، أراد البقاء إلى جانب أصدقائه في الهند، لكن سبب قدومهما هو أن والده تلقى عرض عمل في فرنسا، مما اضطروهم لمغادرة الهند والبدء في بداية جديدة.
بينما لا يزال هارجيت ينتظر وصول حقائبه، فجأة شعر وكأن هناك شخص يحدق به، فنظر من حوله وإذ به يشاهد فتى يبدو أنه في العاشرة من عمره، وهو ما كان في ذات عمره، كان الفتى يحدق في عمامة هارجيت، وهذا الأمر الذي أزعجه وجعله يشعر بالخجل والغضب بعض الشيء، صعد هارجيت على الكاروسيل ورأى حقيبة كبيرة تشبه حقيبته انتزعها، على الرغم من أنه لم يكن متأكدًا تمامًا من أنها حقيبته، كل ما كان يعرفه أنه يريد الخروج من المطار بعيدًا عن أعين الفضوليين.
وفي الطريق أثناء توجههم إلى منزلهم الجديدة، كان ينظر هارجيت من نافذة السيارة ولاحظ كيف يبدو كل شيء مختلفًا مقارنة بالعودة إلى منزلهم بالهند، كان هناك الكثير من المباني الكبيرة الجميلة المطلية بالذهب عليها والتماثيل في الأعلى، كانت السماء رمادية اللون وكانت الأرض مبللة بالمطر، شاهد الكثير من الناس يجلسون خارج المتاجر يشربون القهوة ويتحدثون مع بعضهم البعض، وحينما توقفت السيارة عند إشارات المرور حاول هارجيت التقرب من النافذة أكثر؛ وذلك حتى يتمكن من الاستماع لأحاديثهم، ولكنه لم يتمكن من فهم ما يقولون، إذ كانوا يتحدثون بلغة مختلف عن لغته.
وخلال إكمال مسيرهم نحو منزلهم كان يشعر هارجيت أن هناك صمت غريب على الطريق، فاعتقد أن السيارات لا تطلق أبواقها على بعضها البعض في مدينة باريس، على الرغم من أنها تتحرك جميعًا، ولكن ضمن صفوف مرتبة يجعلها لا تتعثر، وهنا بدأ يفكر أن ذلك الأمر مختلف تماماً عن الازدحام في موطنه.
وفي نهاية الطريق وصلت العائلة إلى شقتهم الجديدة وفور وصولهم أخبره والده أنه عليه النوم على الفور؛ وذلك لأنه في اليوم التالي ويجب عليه التسجيل في المدرسة، وأول ما دخل هارجيت إلى غرفته الجديدة اندهش من تلك الغرفة الكبيرة والنوافذ الضخمة والتي كانت على طول الجدار، كما أن السقف مرتفعة لدرجة أنه لن يتمكن أحد من الوصول إليه ولمسه، وفي لحظة ما صعد على السرير وغرق في النوم وهو يبكي.
ومع بزوغ فجر اليوم التالي استيقظ هارجيت ونظر من النافذة ليشاهد عدد قليل من الناس، كان الأمر مختلفًا تمامًا عن ما كان بمدينته والتي تعرف باسم مدينة أمريتسار، لقد اختفت الضوضاء المستمرة من الناس والسيارات وعربات الريكاشة.
وفي تلك اللحظة قرر أن يفتح حقيبته ويلقي نظرة على صور أصدقائه وعائلته التي أحضرها معه، وحينما جلس على الأرض وجذب حقيبته نحوه، لاحظ أن هناك حلقة مفاتيح صغيرة متصلة بالسحَّاب وأول ما فتح الحقيبة كان هناك وميض من الذهب، وقد كان ذلك الشيء هو أيقونة للمعبد الذهبي وواحدة أخرى لتاج محل! كانت هناك أشياء أخرى من الهند أيضًا في حقيبته، مما جعله يشعر بمزيد من الحنين إلى الوطن، رفع الأيقونات من العلبة وقبل كل منها على التوالي ووضعها في مكان خاص بغرفته، وشعر بسعادة غامرة لرؤية مثل هذه الأشياء المألوفة من وطنه المحبوب، ولكنه في تلك اللحظة شعر بالتوتر وقال: إنها ليست حقيبتي، كيف سأخبر والدي أنني أخذت الحقيبة الخطأ من المطار؟.
وفجأة نادى عليه والده وقال له: استيقظ يا بني حان الوقت للاستعداد للمدرسة، أتمنى أن تكون متحمسًا لتكوين صداقات جديدة وتتعلم لغة جديدة وتجربة طعام جديد، فهناك الكثير لتختبره في هذا اليوم، وحينما خرج هارجيت من الغرفة كان والد يستقبله بابتسامة كبيرة على وجهه.
وفي تلك الأثناء نظر هارجيت إلى والده وهو يشعر بالحزن وقال: يا والدي بالأمس كان هناك فتى في المطار يحدق بعمامتي، ويبدو أنه يسخر منها، كما أن الناس هنا لا يبتسمون كثيرًا والجميع يتحدثون، ولكني لا أفهم ما يقولونه، كما أنهم لا يتحدثون الإنجليزية كثيرًا، والتي من الممكن أن أفهمها بشكل أفضل لأنني تعلمت ذلك في المدرسة، كما أنني أريد أن أبقى في المنزل، فليس لدي ملابس لأنني أخذت الحقيبة الخطأ من المطار، وخوفاً من أن يصرخ والده عليه ركض إلى حضنه وأخذ بالبكاء.
ولكن والده طمأنه قليلاً بقوله: لا تقلق يا بني، انتظر وسوف ترى، اليوم سوف يكون على شيء على ما يرام، ولكن ينبغي عليك أن تتحلى بالشجاعة وتكون لديك ثقة بنفسك، الآن ارتدي ذات الملابس التي كنت ترتديها البارحة وانزل لتناول وجبة الفطور مع والدتك وأنا سوف أتصل بالمطار وأسترد حقيبتك.
وبعد أن انتهى هارجيت من فطاره كان في مزاج أفضل، فقبل والدته وخرج من الباب وتوجه نحو السيارة من أجل الذهاب إلى المدرسة، وأول ما وصل هارجيت إلى المدرسة لاحظ أن الكثير من الطلاب يقفون خارج بوابات المدرسة، وجميعهم يرتدون الزي الرسمي الأنيق ويتحدثون اللغة الفرنسية، ولم يكن أحدهم يرتدي عمامة، وهنا شعر الفتى فجأة بالتوتر الشديد، وحينما لاحظ عليه والده التوتر قال: دعنا ندخل إلى الداخل ونلقي نظرة على المدرسة، فليس لدينا ما نخسره في مجرد نظر، فالأمر كله مجرد مغامرة، وهنا شعر هارجيت بالراحة ودخلا إلى المدرسة.
وأثناء سيرهم في ممر المدرسة لاحظ هارجيت الكثير من الصور للمبنى المعدني الكبير المعلقة على الجدران في كل مكان، وهنا قال هارجيت في نفسه: يجب أن يكون هذا المبنى مهمًا للغاية، وحينما وصلوا إلى غرفة الاستقبال وجلسوا في انتظار قدوم مدير المدرسة ومقابلته، لاحظ هارجيت أن هناك صوت لأحد الطلاب يبكي في الممر، وحينما نهض وألقى نظره عليه وجده هو نفسه ذات الفتى الذي رآه في المطار يوم أمس، وقال: يا للمفاجأة هذا هو ذات الفتى الذي كان يحدق في عمامتي! وهنا عاد هارجيت إلى والده وأخبره أن الفتى الذي كان يحدق به أمس متواجد هنا.
وأول ما سمع والده بذلك طلب منه أن يقوم بإلقاء التحية عليه، وأشار إليه أن ذلك الأمر لا يلحق به أي ضرر، وبالفعل اختار هارجيت أن يتحلى بالشجاعة وسار نحو الفتى وهي تعتلي ملامحه الابتسامة، ولكن حينما رآه الفتى شعر بالخجل والإحراج بعض الشيء؛ وذلك لأنه تم القبض عليه وهو يبكي، وتحدث إليه هارجيت قائلاً: مرحبا اسمي هارجيت لقد وصلت من دولة الهند بأمس هل تتحدث الإنجليزية؟.
وهنا تردد الفتى للحظة ثم قال: أنني أتحدث اللغة الإنجليزية ولكن ليس كثيراً، وأدعى بيير، فسأله هارجيت: لماذا تبدو حزين يا بيير؟، حينها أخبره بيير أنه بالأمس عاد من دولته الهند، ومن المفروض أن يقدم عرض لطلاب صفه حول ما شاهده في الهند، إلا أنه فقد حقيبته والتي بها كامل الأشياء التي جمعها على طول الطريق، والآن ليس بوسعه فعل شيء.
وفي تلك اللحظة صاح هارجيت قائلاً: أعتقد أنني أملك حقيبتك في منزلي، لقد أخطأت بها في المطار، وهنا شعر بيير بالاطمئنان لعثوره على الحقيبة المفقودة، بينما هارجيت انطلق إلى والده ليخبره بما حدث.
ومن ثم عاد للحديث مع صديقه بيير وسأله عن المبنى المعدني المهيب الذي شاهده في الليلة السابقة وفي كل تلك الصور في المدرسة، فأجابه بيير أنه برج إيفل، وفي اليوم التالي أعاد هارجيت الحقيبة لبيير وساعده في تقديم عرضه عن دولة الهند.
العبرة من القصة هي أن الخوف والتردد من الانتقال إلى مجتمع آخر تعيق التقدم والنجاح، إذ ينبغي على الإنسان أن يكون واثق من نفسه في التأقلم مع أي مجتمع يقيم به.