قصة عندما التقينا

اقرأ في هذا المقال


في الكثير من الأحيان حينما يكون الفرد في حالة يأس وإحباط وهارب من عالم لا يمكنه البقاء فيه يرسل له الله شخص يجتث ذلك الألم الذي بداخله ويحوله إلى إنسان مختلف، تماماً كما حصل مع بطل القصة، تابع معنا عزيزي القارئ القصة للنهاية لنرى ما حدث.

قصة عندما التقينا

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في دولة الهند، حيث أنه في يوم من الأيام كان هنا أحد الرجال الذي يدعى أديتاي، وقد كان ذلك الرجل من أكبر رجال الأعمال في مجال الصناعة، ويمتلك شهرة واسعة في كافة أرجاء المدينة، وفي يوم من الأيام دخل أديتاي في حالة من الاكتئاب واليأس، وقد كان ذلك على إثر زواج حبيبته من رجل آخر، ومنذ ذلك اليوم لم تعد لديه أي رغبة من مواجهة العالم، ولهذا قام باعتلاء إحدى رحلات القطار في ليلة من الليالي تاركاً خلفه كافة إدارة أمواله وأعماله وكل ما قام بتحقيقه على مر العديد من السنوات ووكل أمورها إلى شاب آخر من مساعديه.

وعلى متن تلك الرحلة التقى بإحدى الفتيات والتي تعرف باسم جيت، وقد كانت من الفتيات المشاكسات الثرثارات للغاية، ولكنها على الرغم من ذلك كانت تعشق الحياة جداً، ولم تلقي في أي يوم من الأيام أي اهتمام بمشاكلها، فقد كان من وجهة نظرها أن أعظم مشكلة في هذه الحياة يمكن حلها من خلال ابتسامة أو كلام.

في بداية لقاء أديتاي بتلك الفتاة المشاكسة كانت تبدو له بأنها فتاة مزعجة للغاية وقد حاول التملص منها بأي طريقة، إذ قام بالنزول من القطار أثناء وقوفه في واحدة من المحطات، وحينما كان القطار على وشك الانطلاق مرة أخرى نزلت الفتاة المشاكسة من أجل أن تقوم بتنبيهه أن القطار على وشك مغادرة المحطة، ولكن ما حدث هو أن رحلة القطار قد فاتتهما كلاهما، وفي تلك اللحظة شعرت الفتاة بالضجر وأخذت بإلقاء اللوم عليه واستمرت بالثرثرة حول أنها لن تتمكن من العودة إلى أهلها بسببه، وعلى إثر ذلك اضطر أديتاي لمساعدتها وأخذ يتأفف منها وبقي عابس الوجه وساكن اللسان، ولكن الفتاة المشاكسة على الفور أخذت بالضحك وتتحدث إليه عن حبيبها الذي كان يدعى أنشو مان وحول خططها من أجل الهروب معه والزواج منه.

ومنذ تلك اللحظة وقد بقيا مع بعضهما البعض، إذ استأجر لها أديتاي غرفة في واحد من الفنادق إلى جانب غرفته، وفي كل يوم تدق عليه الفتاة المشاكسة باب غرفته ويخرجا سوياً، وقد خاضا كلاهما العديد من المغامرات المثيرة والمضحكة والتي كانت في كل يوم تقربهما من بعضهما البعض أكثر فأكثر، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي ذاب به الجليد المكدس على صدر أديتاي من اليأس والإحباط، وفي تلك الأثناء قرر أن يغير من نفسه ويرمي الماضي خلف ظهره بعد مجموعة من النصائح التي قدمتها له الفتاة جيت، وبعد فترة وجيزة أوفى أديتاي بالوعد الذي قطعه لها في إعادتها إلى أهلها سالمة.

وحينما أوصلها إلى باب منزل أهلها أول ما شاهدوه إلى جانبها اعتقدوا أنه حبيها وأنها أحضرته من أجل أن يتعرفوا عليه، وأول ما قاموا بسؤاله حول مهنته، فأخبرهم أنه موسيقي ولا يعلمهم بهويته الحقيقية، وفي تلك اللحظات تدخلت جيت وأخبرتهم أنه فقط تربطهم علاقة صداقة وليس أكثر من ذلك، وفي صباح اليوم التالي دق باب منزلهم، وأول ما فتحوا الباب كان هناك شاب إلى جانب عائلته قادمين من أجل التقدم لخطبتها، وهنا حاولت الفتاة المشاكسة التهرب من ذلك العريس وأخبرته أنها تربطها علاقة غرامية بأديتاي.

ومنذ ذلك الوقت وقد قررت الفتاة المشاكسة الهرب برفقة أديتاي؛ وذلك من أجل الزواج من حبيبها أنشو مان، وفي لحظة هروبها شاهدتها شقيقتها، وحينما علمت عائلتها بالأمر اعتقدوا جميعهم أن أديتاي هو من أقنع ابنتهم بالهرب معه، ومن هنا بدأوا بالبحث عنهما في كل مكان، ولكنهم لم يجدوا لهم أي أثر، حتى جاء ذلك اليوم الذي ظهر فيه أديتاي على شاشة التلفاز، بينما كان يحتفل بإطلاق بطاقة الهاتف الجديدة والتي أطلق عليها اسم جيت، إذ أنه أحبها من كل قلبه؛ وذلك جراء التغيير الذي أحدثته به وجعلته يرى أن للعالم وجه أجمل.

وفي تلك الأثناء على الفور توجهت عائلة جيت إليه من أجل توبيخه واستعادة ابنتهم، وأول ما وصلوا إلى أديتاي تفاجئ بعدم رجوع الفتاة المشاكسة، فقد تركها منذ ما يقارب على التسعة شهور عند البلدة التي يسكن بها حبيبها أنشو مان، وهنا طمأنهم أديتاي وقطع لهم وعد بأنه سوف يقوم بمهمة البحث عن جيت وإعادتها إلى أسرتها بنفسه، وأول ما توجه أديتاي كان إلى إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة مانالي، إذ توقع أن يعثر عليها بصحبة زوجها أنشو مان.

ولكنه أول ما وصل أديتاي إلى هناك تفاجئ حينما علم أن أنشو مان لم يقبل بها ولا حتى الزواج منها، وهنا وبخه ودخل في عراك معه، وقد تركه وتوجه للبحث عنها في كل مكان عن تلك الفتاة التي أحبها جداً، وأخيرًا عثر عليها في إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة شيملا، وقد كانت تلك المدينة هي من البلدات التي تقع في جبال الهيمالايا، وأول ما التقى بها لم تكن تلك الفتاة ذاتها التي تعرف عليها في السابق وأحبها، فقد كانت فتاة مختلفة تماماً ويطغو عليها الحزن والبؤس ولا تنطق بأي كلمة، وكل ما تقوم به هو التدريس في إحدى المدارس لتتمكن من مجابهة الحياة في تلك الظروف الجديدة.

وفي تلك الأثناء حاول أديتاي أن يقوم بترميم جراحها وجعلها تتحدث مع أنشو مان وتوبخه وتخرج كل الحزن الدفين في قلبها، وبالفعل بعدها شعرت براحة كبيرة، وعلى إثر ذلك اندهش أنشو مان من ما قامت به، ورغب في القرب منها مرة ثانية من جديد، فذهب إليها وطلب منها الصفح والسماح وإعادة العلاقة السابقة، وهنا شجعها أديتاي على الرغم من ذلك الحب الشديد الذي يكنه لها، واستعد من أجل العودة بها إلى مدينة مومباي، وهي ما كانت بلدة عائلتها واصطحب معه أنشو مان على أنه صديق له، حتى يمهد الأمر ويخبر عائلة جيت بأمره.

ولكن في النهاية حينما وصل أديتاي والفتاة المشاكسة إلى منزل العائلة، تم الترحيب بهم من قِبل الجميع وقد كانت مراسم الاحتفال والزواج منصوبة ومجهزة، فقد اعتقدت العائلة أن بين جيت وأديتاي علاقة حب، لذا قرروا تزويجهما، الأمر الذي أغضب أنشو مان وطلب من جيت إخبارهم بأنه هو العريس وليس أديتاي، ولكن جيت شعرت أن قلبها ينبض لشخص أخر غير أنشو مان إنه أديتاي ذاته الذي أعاد إليها ضحكتها الغائبة.

المصدر: كتاب من الأدب الهندي الحديث والمعاصر - سمير عبدالحميد - 2019


شارك المقالة: