قصة فزع مذنب هالي

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه القصة من الأعمال الأدبية الصادرة عن الأدب الأمريكي، وقد تمحور الحديث فيها حول ظاهرة مذنب تحدث كل ستة وسبعين عاماً، إلا أنها كثرة حولها الأحداث، مما جعلها حدث تاريخي مهم.

قصة فزع مذنب هالي

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول أحد المذنبات والذي يشتهر باسم مذنب هالي، وقد كان ذلك المذنب ما يشتهر حوله حسب تصريحات العلماء أنه ذو دورة قصيرة وهو يدور حول كوكب الأرض بشكل روتيني ويمكن مشاهدة اللحظة التي يدور بها من الأرض كل ما يقارب ستة وسبعين عاماً تقريباً، وقد سمي المذنب بهذا الاسم نسبة إلى العالم الشهير الذي يدعى إدموند هالي؛ وقد كان السبب في ذلك هو أنه من قام بحساب مرور ذلك المذنب من كوكب الأرض.

وهذا الجرم السماوي بالأرض على مر العقود التي سبقت القرن التاسع عشر كان يمر من كوكب الأرض دون أن يحدث أي أضرار، ولكن في أول مرور له خلال القرن التاسع عشر شهد مرور المذنب بالأرض أحداث مختلفة، ومنذ ذلك الوقت لاقى هذا الحدث اهتمام كبير بين الشعوب، وقد تم إطلاق على تلك الأحداث التي رافقت تلك الدورة للمذنب باسم فزع مذنب هالي.

وفي وقت م الأوقات حينما اقترب ذلك الموعد الذي كان من المقرر أن يبدأ به مرور المذنب تم الترويج لذلك الحدث على أنه من أهم وأبرز الأحداث التاريخية العالمية، حيث أنه ارتفعت نسبة المبيعات للتلسكوبات، وقد وصل الأمر بأصحاب الفنادق والمباني المرتفعة أن يقوموا بتقديم العديد من العروض للراغبين في متابعة ذلك الحدث التاريخي، بحيث يمكنهم دفع مبالغ مقابل التجمع على أسطحها لرؤية لحظة مرور المذنب.

ولكن على الرغم من كل تلك الأحداث التي دارت حول الترويج للمذنب، لم يكن الجميع مسرور بظهور ذلك المذنب؛ وقد كان السبب خلف ذلك هو اعتقاد لدى الكثيرين أن ذاك النجم الهائل سوف ينهي الحياة على كوكب الأرض بالكامل، وقد كانت تلك الفكرة لم تأتي من فراغ، إذ أنها انتشرت بسبب كلام صدر من أحد العلماء المستكشفين ويعرف باسم كاميل فلاماريون، وهو ما يعمل في مجال الفلك في دولة فرنسا.

إذ أشار إلى أن ذيل ذلك المذنب والذي يبلغ طوله تقريباً أربعة وعشرون مليون ميل يوجد أحد أنواع الغازات الذي يعرف باسم غاز السيانوجين، وهو ما يعرف عنه أنه أحد أنواع الغازات السامة وبإمكانه أن يقوم بامتصاص الغلاف الجوي لكوكب الأرض، كما أشار عالم الفلك أنه بإمكانه كذلك أن يقضي على كامل أشكال الحياة على الكوكب.

وفي ذلك الوقت حينما خرج عالم الفلك بتلك التصريحات قامت إحدى الصحف الشهيرة في الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما تشتهر باسم صحيفة نيويورك تايمز بكتابة مقال حول تلك النظرية، وقد اعتبرها العديد من الجماهير أنها نظرية مروعة وقد أثارت ذعر شديد بينهم، ومن ضمن ذلك المقال كتبت الصحيفة أن غاز السيانوجين هو عبارة عن سم قاتل بشكل فضيع، وأن هذا النوع من الغازات في حال لامست نقطة صغيرة منه لسان الإنسان تكون كافية للتسبب في موته بشكل فوري.

وقد أردفت تلك الصحيفة في هذا المقال أن الغالبية العظمى من علماء الفلك لا يتفقون بشكل كامل مع هذا التصريح، ولكن هذا المقال لم يلقى ذلك الأمر الاهتمام بشكل كبير، ولكن ما أدى به ذلك المقال هو أن شجع عدد لا بأس به من الصحف الصفراء التي تسعى إلى زيادة نسبة مبيعاتها على الانخراط في رواية أحداث تلك القصة، ومن ضمن تلك الصحف كانت هناك إحداهن صرحت بأن مرور ذلك المذنب سوف يتسبب في تغيير المحيط الهادئ لأحواضه مع المحيط الأطلسي، كما أنه سوف تعمل على تحويل العالم إلى كتلة واحدة غير متجانسة من الارتباك الفوضوي، وهذا الكلام قد أثار الرعب والرهبة في نفوس القراء.

ومنذ أن تم نشر تلك الأخبار بدأت الأقاويل تدور بين العلماء، وقد قام عدد كبير منهم بالرد على ادعاءات عالم الفلك الفرنسي، ومن أبرز المخالفين لرأي العالم الفرنسي وهو العالم الذي يعرف باسم بيرسيفال لويل، حيث أن لويل قد أشار إلى أن الغاز ملخلخ جدًا بحيث يكون أرق من أي فراغ، وبالتالي لا يمكن لهذا النوع من الغازات أن يشكل أي تهديد، كما قام عالم آخر يدعى روبرت بول بالتدخل وهو ما كان يعمل مدير مرصد في مدينة كامبريدج.

وقد أوضح أن عالم فلك مشهور آخر يدعى جون هيرشل صرح بأن المذنب بأكمله يمكن أن يُحشر في حامل حقيبة، وعلى أرض الواقع اتضح أن هذا الرأي غير صحيح على الاطلاق، كما تم إثبات أن تلك العبارة جاءت كرد ساخر من العالم هيرشل على أحد الصحفيين الذي سأله كيف يمكن حمل هذا المذنب، فأجابه: في حقيبة، كما تم توضيح أن المذنب في الحقيقة يبلغ طوله ما يقارب على التسعة أميال، وحينما وصل رد هيرشل إلى مسامع أحد الصحفيين العامليين في صحيفة نيويورك تايمز سرعان ما استخدم مصطلح حامل حقيبة في أحد مقالاته من باب التوضيح.

حيث كتبت الصحيفة في أحد المقالات والذي جاء بمثابة رد على تصريح هيرشل إذا كان التصريح في أن هذا المذنب لا يمكن أن يتم حمله في حقيبة، وأنه كان يتحدث بسخرية واستهزاء، وأن المذنب سوف يكون مرئي لجميع الجماهير في القريب العاجل، وهنا نحن نرد عليه بأن هناك الكثير من الحقائب، لكن من سوف يتولى مهمة التعبئة؟ ومما هو مؤكد أن ذلك المذنب لا يمكن أن يتم وضعه في حقيبة.

وفي تلك الفترة استمر الجدل حول المذنب في العديد من الصحف، بينما بين الجماهير كان الوضع يزداد سوءًا يوماً عن يوم، فعلاوة على اختفاء أجهزة التلسكوب من كل مكان، بدأت الناس في نهب المتاجر من أجل البحث عن الأقنعة الواقية من الغازات السامة؛ وذلك من أجل حماية أنفسهم من التسمم، وقد كان ذلك الحدث فرصة استغلها عدد كبير من التجار المحتالين من أجل ربح أموال طائلة من خلال الترويج إلى حبوب مضادة للمذنبات وبيعها، وقد كان يشاع حول تلك الحبوب أنها تقوم على حماية الشخص من التسمم الذي سوف يسببه المذنب في الغلاف الجوي، وقد كانت تلك الحبوب تباع فور تصنيعها.

وفي تلك الأثناء حاولت عناصر الشرطة الوصول إلى كل محتال يحاول أن يروج إشاعات حول ذلك المذنب، وبالفعل تم إلقاء القبض على مجموعة منهم، كما تم القبض على بعض المحتالين في إحدى الولايات التي تعرف باسم ولاية تكساس كانوا يقومون ببيع حبوب مصنوعة من السكر على أنها حبوب مضادة للمذنبات، لكن لم يلبثوا طويلاً إذ سرعان ما طالبوا الجماهير بإطلاق سراحهم.

ومن جانب آخر كان هناك أعداد هائلة من الجماهير الذين لا يفكرون سوى في تلك الرهبة والرعب الذي دب بهم، وأخذوا بالمكوث طوال الوقت في الكنائس يتضرعون إلى الله بأن يحميهم من ذلك المذنب، إذ اعتقدوا أنهم نهاية العالم قادمة، كما تم ذكر أن راعي إحدى الكنائس في ولاية واشنطن أصيب بالجنون من شدة القلق بشأن المذنب.

ومن جهة أخرى كان هناك أعداد كبيرة سعداء بذلك الحدث العالمي الكبير، وفي النهاية حينما مر المذنب أثبت أن تلك الأقنعة الواقية من الغازات والحبوب الحامية لا قيمة لها، إذ تبين أنه لم يكن هناك سم بالتأكيد، ولم يكن للمذنب أي تأثير يذكر سوى أنه جعل غروب الشمس في يوم مروره أكثر توهجًا وإضاءة، وقد استمتع من شاهدوا مروره.

ولكن على الرغم من كل ما تبين حول المذنب إلا أن هناك الذين أصروا على ربط نظرية نهاية العالم تزامناً مع مرور المذنب إلى جانب الأرض مع وفاة الملك إدوارد السابع ملك إنجلترا، وبالطبع ألقوا اللوم على المذنب في وفاة الملك، وما كان مثير للاهتمام أن الأديب العالمي مارك توين توفي كذلك في ذات الوقت الذي حلّق به المذنب في سماء كوكب الأرض، وما كان من الأمور الغريبة للغاية كذلك أنه عند النظر إلى ولادة الأديب كانت في ذات العام الذي مر به المذنب من كوكب الأرض، ثم بعد ذلك تمكنت وكالة ناسا من إرسال مجسمات فضائية للتحليق بالقرب من المذنب وتصويره عن قرب وإرسال الصور لدراستها.


شارك المقالة: