تعتبر هذه القصة من القصص القصيرة التي صدرت عن الكاتب والأديب فولفكانج بورشت، وقد تناول في مضمون القصة الحديث حول أحد أيام الأسبوع الذي بدأ بها مجمل من الأحداث التاريخية، وقد كان ذلك اليوم في الصباح قد بدأ حاله كحال أي يوم من أيام الأسبوع، إلى أن هذا اليوم بالذات قد دوّن في التاريخ كيف أنه قلب حياة العديد من الأشخاص رأساً على عقب، وقد أراد أن يوضح الكاتب من خلال القصة أن الأحداث لا تطرق الأبواب وتستأذن من أجل الحدوث، حيث أن الكوارث تبدأ بشكل مفاجئ وتأتي وراء بعضها البعض بشكل متسلسل.
قصة في تلك الثلاثاء
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول أحد أيام الأسبوع، وقد كان ذلك اليوم هو يوم الثلاثاء، حيث أنه في ذلك اليوم بدأ مجموعة من الطلاب في أحد الصفوف المدرسية بالتمرين على كتابة الحروف الكبيرة، وكانت من تقوم بتعليمهم هي معلمة ترتدي نظارة ذات عدسات سميكة خالية من الحافات، وقد كانت العدسات سميكة إلى درجة تلك الصورة التي تبدو من خلالها العيون خافتة للغاية، وفي ذلك الصف كان هناك ما يفوق على الأربعين فتاة يجلسن أمام اللوح المغطس باللون الأسود، وقمن تلك الفتيات بكتابة الحروف الكبيرة.
وخلال الدرس أشارت المعلمة إلى الطالبات أن يقمن بكتابة عبارة: إن جميع الآباء يصبحون في حال قيام حرب وكأنهم جنديًا واحدًا بقلب واحد، وفي تلك الأثناء كان من بين الفتيات فتاة تدعى أولي، وقامت أثناء شرح المعلمة بمد لسانها إلى أن أوصلته حد أنفها، وهنا شاهدتها المعلمة وحذرتها من فعل ذلك مرة أخرى، كما قامت تلك الفتاة بكتابة كلمة حرب بطريقة خاطئة، ولهذا أمرت المعلمة الطالبة بأن تقوم بإعادة كتابة الجملة عشر مرات وقد أعطتها فرصة حتى اليوم التالي، وفي تلك الأثناء توجهت المعلمة بنظرها إلى ساحة المدرسة وقد لاحظت أن الغربان قد التهمت جميع قطع الخبز المفتتة الموجودة على جدران ساحة المدرسة، وقد كان ذلك بمثابة نذير شؤم.
وبالفعل في ذات اليوم حدثت العديد من التعديلات على المسؤولين في قوات الجيش، وكأن كلمة الحرب التي دققت عليها المعلمة قد بدأت بالحدوث على أرض الواقع، ومن خلال تلك الترتيبات حدث أن حصل أحد الجنود في مرتبات الجيش على ترقية، وهو ما يدعى الملازم ايلرز، حيث ترقى إلى رتبة نقيب وآمر الوحدة، وهنا أراد الملازم أن يخلع الشال الأحمر الموجود على أكتافه، والذي كان يشير إلى رتبته السابقة، ولكن نهره عن فعل ذلك أحد زملائه وأوضح له أن ذلك الأمر ليس من الأمور الصحيحة حسب النظام والقواعد التي تسير عليها الوحدة.
وهنا أشار النقيب أن زميله الذي يدعى هيسه قد خلعه في السابق، وأنه لم يتم إلحاق أي عقوبة بحقه، ولكن هيسه في الحقيقة قد أنهكته تسيير الأمور في الوحدة وهو في الوقت الحالي يعرض نفسه على أحد الأطباء، إذ يشعر بأنه في حالة صحية سيئة، وهنا أشار زميل النقيب إلى أنه ينبغي عليه الالتحاق في الفرقة الثانية وتولي زمام الأمور في الحال، كما أناط به ببعض التعليمات التي ينبغي عليه أن ينتبه إليها بين الجنود مثل عدم تناول السجاير من قِبل الجنود، كما أنه يجب الانتباه إلى أن يكون كل جندي واضع سبابته على الزناد.
ويكون ذلك حين تتم مشاهدة مثل ما يشبه الديدان التي تحمل مصباح بين يديها وتتخبط في الأرجاء هنا وهناك، إذ وقع لدى تلك الفرقة في الأسبوع الماضي خمس إصابات وقد كانت كل تلك الإصابات في منطقة الرأس، وحين توجه الرائد في طريقه إلى الفرقة الثانية نزع الشال الأحمر عن أكتافه، وأشعل سيجارة وصاح بصوت عال: لقد وصلت آمر الفرقة الثانية، وبذلك كان قد خالف كامل التعليمات التي أمليت عليه.
وفي ذات اليوم قال سيد يدعى هانزن وهو من المقربين إلى السيد هيسه إلى فتاة تدعى سفرين: يجب علينا أن نقوم بإرسال بعض المستلزمات إلى السيد هيسه، على سبيل المثال زوجاً من القفازات أو ما شابه ذلك، حيث أن الرجال يواجهون في الخارج برد قارص جراء فصل الشتاء،
وفي تلك الأثناء قام مجموعة من الممرضات بحمل الرائد هيسه في حمالة من أجل الإيصال به إلى صالة الإسعاف، وفوق باب تلك الصالة كانت لائحة مكتوب عليها: في حال كان الداخل جنرال أو جندي، فإنه يتوجب عليه أن يقص شعره قبل الدخول، وبالفعل تم حلاقة شعر رأسه، وبعد الكشف على السيد هيسه تبين أن لمرضه أصابع رفيعة وطويلة، وقد كانت تبدو وكأنها أرجل عنكبوت، كما كان حولها العديد من البقع ذات اللون الأحمر عند قدميه.
قام مجموعة من الأطباء بتدليكه بأحد أنواع المستحضرات الطبية، وبالفعل بدأت حالته بالتحسن، إلا أنه ما حدث بشكل مفاجئ هو أن دخل الرائد هيسه بحالة إغماء، وهنا توجهت شكوك الأطباء بإصابته بالحمى الوبائية، وهنا رفع الممرضون الحمالة إلى أعلى، وتوجهوا به إلى غرفة إسعاف خاصة، وأثناء الصعود على السلم تدلى رأسه خارج الحمالة وبدأ يلوح يميناً وشمالاً، وفي ذلك الوقت كان فصل الشتاء أصبح في أوجه.
وفي ذات اليوم تم إرسال رسالة إلى زوجة الملازم وإخبارها أنه تم ترقيته زوجها وأصبح يحمل رتبة نقيب وبدأ بعمله كآمر سرية، وقد كان في ذلك اليوم من السنة درجة الحرارة دون الأربعين تحت الصفر، وقد كتب على الرسالة من الخلف يصل إلى يد زوجة النقيب، وهنا رفعت رأسها إلى أعلى متباهية بترقية زوجها، وهرعت إلى إحدى جارتها لتخبرها بذلك الخبر السعيد، إلا أن جارتها لم تأبه لذلك وقالت: إن الطقس في الخارج بارد جداً.
وفي المستشفى العسكري توجه رئيس هيئة الأطباء العسكرية إلى رئيس مستشفى الأوبئة العسكرية بسؤال حول عدد المصابين يومياً الذين توصلهم حالتهم إلى الدخول في المستشفى، فرد مدير المستشفى إنه عدد كبير، ثم بعد ذلك ذهبا كليهما إلى حضور عرض أوبرا الناي السحري، وفي ذلك العرض حضرت زوجة النقيب مالئه شفتيها باللون الأحمر.
وفي ذلك اليوم صرحت إحدى الممرضات من خلال رسالة كتبتها إلى والديها أنه لم يعد الأمر يحتمل فالحمى قد تفشت، كما أشار جموع من الأطباء إلى أن امتلأ المستشفى بالمصابين وكأن جنود الدولة بأكملها متواجدة في ذلك المستشفى العسكري، وقد كانت الممرضة متواجدة إلى جانب السيد هيسه، وهنا سألت الطبيب المتواجد هل أقدم له أي نوع من أنواع العلاج، إلا أن الطبيب قال لا داعي فقد كانت حالته تسوء يوم بعد يوم، ومن ثم تم حمله إلى الخارج على الرغم من برودة الطقس، وما أن انتهت الطالبة أولي من كتابة الجملة عشر مرات، وما مضت لحظات قليلة حتى توفي هيسه.