صدرت القصة عن الكاتب والمؤلف أرنست همنجواي، وقد استطاع أن يشير من خلال القصة إلى الشعور بالحيرة وكيف له أن يشتت عقل وتفكير الإنسان، في حال لم يجد الإنسان من يدله إلى الطريق الصحيح، كما أوضح إلى أن ذلك الشعور هو في الحقيقة شعور قاتل، وعلى وجه الخصوص حينما لم يستطيع الإنسان الحديث به مع أقرب الناس إليه، وفي النهاية من أجل التجرد من ذلك الشعور لا يوجد أمام الإنسان إلى أن يتضرع إلى الخالق، فهو من بيده التخلص والراحة من كل تلك الأمور.
قصة قارئة تكتب
في البداية كانت تدور الوقائع والأحداث حول الشخصية الرئيسة في القصة وهي سيدة، حيث أنه في أحد الأيام من فصل الشتاء كانت تجلس السيدة حول الطاولة المتواجدة في غرفة النوم الخاصة بها، وفي تلك اللحظة كانت مفتوحة أمامها إحدى الصحف اليومية، وكانت على تحدق للنظر في كل خبر من الأخبار المنشورة في الصحيفة، وبقيت على هذا الحال وقت طويل، ولم تتحرك تلك السيدة من مكانها وتقف إلا من أجل النظر من شباك الغرفة إلى الثلوج التي كانت تتساقط في ذلك الوقت بشكل غرير.
ولكن على الرغم من غزارة تلك الثلوج، إلا أنها كانت سرعان ما تذوب حال وصولها إلى الأرض، وبينما كانت تتأمل في الطبيعة في الخارج فكرت بأن تقوم بكتابة رسالة، وفي تلك الرسالة كانت تقوم بالكتابة بشكل عفوي وبسيط، إلا أنه بالرغم من ذلك لم تكن هناك أي حاجه لها في مسح أي عبارة أو جملة من تلك التي تكتبها أو إعادة كتابة أي عبارة محل عبارة أخرى.
وقد كانت تلك الرسالة موجهه إلى أحد الأطباء، وأول ما بدأت الكتابة قالت في رسالتها: عزيزي الطبيب هل تسمح لي بأن أقوم بطلب نصيحة منك من خلال تلك الرسالة، ولو أن تلك النصيحة ليس لها أي أهمية كبيرة لما تطرقت إلى كتابتها وطلبها منك على وجه الخصوص، وهنا بدأت من خلال الرسالة استشارته في أمر قرار تفكر في اتخاذه، ولكنها أشارت إلى أنها لا تعرف أي شخص يمكنها أن تضع ثقتها به أكثر من غيره، فالجميع أمامها متساوون من ناحية الثقة بهم، كما برهنت سبب كتابة الرسالة له دون أحد من أهلها، أنها لا تمتلك الجرأة الكافية من أجل الحديث مع والدها أو والدتها أو أي من أشقائها في مثل تلك المواضيع، كما أوضحت بأن الأمر لا يحتاج إلى مقابلة الطبيب، فهي تستطيع أن تضع ثقتها فيه بشأن ذلك الأمر.
وبعد ذلك تطرقت بالحديث عن الوضع الحالي الذي تعيشه، فقالت: تزوجت في الربع الأول من القرن التاسع عشر من رجل يعمل في خدمة الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد أن أمضى على زواجنا شهور قليلة تم إرساله إلى دولة الصين وعلى وجه التحديد إلى مدينة شنغهاي، وقد أمضى في تلك المدينة ما يقارب على الثلاث سنوات، ثم بعد تلك المدة رجع إلى الوطن؛ وقد كان السبب في عودته هو أنه تم تسريحه والاستغناء عن خدماته قبل بضعة شهور من إنهاء مدة خدمته.
وأول ما وصل إلى الوطن أول ما توجه إلى إحدى البيوت التي يمتلكها في جزيرة سانت هيلينا التابعة إلى ولاية آركانساس، وقد كان ذلك البيت هو ذاته الذي عشنا به بعد زواجنا، وأول ما وصل إلى ذلك البيت كتب إليّ من أجل اللحاق به إلى ذلك المنزل، وبالفعل لبيت رغبته وذهبت إلى ذلك البيت، وحين وصلت إلى هناك ووجدت بأنه يتعاطى حقنًا في يديه، وقد كان من الأمر الطبيعي أن أسأله عن السبب خلف تناول تلك الحقن، إذ أجابني أنه يتعالج من أحد أنواع الأمراض والتي لا أعلم كيف أتهجأ حروفه، ولكن ما تبدو وكأن تلك الحروف هي كلمة الزهري.
وهنا تساءلت هل تدرك ما أعني به حول هذا المرض، وبهذه الرسالة أريد منك أن تخبرني هل سوف يكون الأمر آمن على حياتي من أجل البقاء إلى جانبه، على الرغم من أنني بقيت طوال الوقت أحرص على ترك مسافة بيني وبينه حين أقوم بتقديم شيء له، وهو باستمرار يؤكد لأي أنه سوف يصبح بحالة أفضل بعد وقت قصير، وسوف يكون ذلك بعد أن يتم مرحلة العلاج التي وصفها له طبيبه الخاص.
وهنا عادت وسألت الطبيب: هل ما يدلي به زوجي هو الحقيقة، حيث أنني في الكثير من الأوقات السابقة كنت اسمع والدي حين يتحدث حول ذلك المرض ويقول: أنه من يصاب بهذا النوع من المرض ويقع ضحيته يتمنى أن يسرع الموت بالقدوم إليه، وأنا أثق بكلام والدي فهو رجل صادق ولا يعرف أبداً طريق الكذب، ولكنني في ذات الوقت أرغب في تصديق كلام زوجي حول ذلك المرض.
وفي نهاية الرسالة طلبت من الطبيب برجاء أن يخبرها ما تفعل وكيف تتصرف، فهي لا تقوى على ترك زوجها يعاني لوحده؛ وذلك لأن لديها منه ابنة ولدتها أثناء تواجد زوجها في دولة الصين، وأخيراً قدمت شكرها للطبيب وأخبرته أنها تثق تمام الثقة بنصائحه، ثم وضعت توقيع باسمها في نهاية الرسالة، ثم بعد ذلك بدأت تحدث نفسها وتقول: من المؤكد أن الطبيب يتمكن من مساعدتي وإخباري بما يمكنني فعله، وقد كان ما يؤكد لها ذلك هي الصورة التي كانت منشورة للطبيب في الصحيفة التي كانت تقرأ بها على طاولة غرفتها، إذ كانت ملامح وجهه توحي بذلك، كما كان يبدو لها أنه رجل ذكي جدًا.
ثم بعد ذلك قامت السيدة بكتابة ذات الرسالة وأرسلت نسخ منها إلى كل طبيب تشاهد صورته في الصحف اليومية المحلية، ولكن مضى وقتاً طويلاً وهي تنتظر الرد من أحدهم، وكانت تردد باستمرار أنه من المؤكد أحدهم يعرف ما يرشدني إليه، إذ رغبت في أن تحصل على العديد من الإجابات وترى أيها تحقق أعلى نسبة في التشابه في الردود وتقوم بفعله، إذ كانت تلك السيدة فاضلة ولا تريد أن تقوم بأمر أو تصرف خاطئ تلقى بسببه العديد من الانتقادات بسببه.
وبعد انتظارها الطويل دون وصول أي رد تساءلت كثيراً حول المرض وما هو مسبباته وما الأعراض والآثار الجانبية له، كما أنها أكثر ما كانت تتساءل حوله هو أن ذلك المرض من الأمراض المعدية، ولم يكن خوفها على نفسها أكثر من خوفها على طفلتها، والتي ما زالت في مرحلة الطفولة، وقد دخلت جراء تساؤلاتها العديدة في متاهة لم تعرف كيف لها أن تخرج منها، وفي نهاية القصة التزمت الدعاء والتضرع لله في أن يهديها السبيل السليم.