قصة قصيدة أتاني ولم أخش الذي تبعثانه
أما عن مناسبة قصيدة “أتاني ولم أخش الذي تبعثانه” فيروى بأنه في يوم من الأيام قام أبو جعل بن حنظلة بجمع رجال من بني شذاذ، ومن بني تميم، ومن غيرهم من القبائل، وقام بغزو بني الحارث بن تيم الله بن ثعلبة، وقاتلوهم قتالًا شديدًا، ولكن بني الحارث تمكنوا من الانتصار عليهم، وفض جمعهم، وقام رجل من بني الحارث باللحاق بجماعة من بني النهشل، وكان منهم جراح بن الأسود النهشلي.
وعندما أدركهم، قال لهم: لقد أعجبني قتالكم اليوم، وأنا خير لكم من العطش، فقالوا له: نعم، فنزل بهم إلى مكان قريب، وجلس الجماعة سوية، وبينما هم جالسون رأى جراح بن الأسود فرسًا من خيل بني الحارث، وكانت من أجمل ما رأى من خيل في حياته، فقام عليها، وامتطاها، وهرب بها، فقال الرجل من بني الحارث للجماعة الذين كانوا مع الجراح: هل تعرفونه؟، فقالوا له: نعم، وأخبروه بأنه الجراح بن الأسود، من بني النهشل.
وعندما أتى الجراح إلى والده على ظهر هذه الفرس، أمره بأن يهرب إلى بني سعد، ويبقى عندهم، ففعل، وبقي عندهم مدة من الزمن، وبينما هو عندهم، أتى الرجلان اللذان كانا معه، وطلبوا الفرس من أبيه، وتوعدوا ابنه إن لم يحضرها، وأعانهما على ذلك التيجان بن بلج بن جرول بن نهشل، فانشد الأسود يهجوه، قائلًا:
أتاني ولم أخشَ الذي تبعثانه
خفيرا بني سَلمى حُريرٌ ورافِعُ
هُما خيباني كل يومٍ غنيمةً
وأهلكتُهم لو أنّ ذلك نافِعُ
واتبعت أخراهم طريق الأهُم
كما قيل نجمٌ قد خوى متتائِعُ
وخير الذي أعطيكم هي شِرّةٌ
مُهَوَّلةٌ منها سيوفٌ لوامِعُ
فلا أنا مُعطيكُم عليّ ظُلامةً
ولا الحقّ معروفاً لكم أنا مانِعُ
وإني لأقري الضيف وصَّى به أبي
وجارُ أبي التيجان ظمآن جائِعُ
فقولا لتيحان بن عامرة استها
أمُجرٍ فلاقى الغيّ أم أنت نازِعُ
ولو أن تيحان بن بلج أطاعني
لأرشدته إن الأمور مطالِعُ
وإِن يك مدلولاً عليّ فإنني
أخو الحرب لا قَحمٌ ولا متجاذِعُ
ولكنّ تيحان بن عاقرة استها
له ذَنَبٌ من أمره وتوابِعُ
نبذة عن الأسود النهشلي
هو الأسود بن يعفر ابن عبد الأسود بن جندل بن سهم بن نهشل، شاعر من شعراء العصر الجاهلي، وهو سيد من سادات بني تميم.