هنالك نوعان من الناس، أناس بخيلون لا ينفقون المال إلا على ما كان ضروريًا، وأناس كرماء، يفضلون الحياة الكريمة على المال، واليوم نقص عليكم قصة أبي دلف العجلي، وتعجبه ممن لا ينفق ما معه من مال.
من هو أبو دلف العجلي؟
هو أبو دلف القاسم بن عيسى بن إدريس العجلي، قائد من القادة في العصر العباسي، في فترة خلافة المأمون والمعتصم بالله.
قصة قصيدة أتعجب أن رأيت علي دينا
أما عن مناسبة قصيدة “أتعجب أن رأيت علي دينا” فيروى بأنه دخل أحد الشعراء في يوم من الأيام إلى مجلس أبي دلف العجلي، ومدحه بقصيدة قال فيها:
أبو دلفٍ إن المكارم لم تزل
مغلغلةً تشكو إلى الله حلها
فبشرها منه بميلاد قاسمٍ
فأرسل جبريلاً إليها فحلها
فأمر له أبو دلف بجائزة، ولكن قيمة هذه الجائزة لم تكن موجودة في بيت ماله، فأتاه خازن بيت ماله، وقال له بأن هذا المال لا يوجد في بيت المال، فأمر أبو دلف للشاعر بضعف ما أمر له في البداية، فعاد الخازن وأخبره بأنه لا يوجد ما يكفي لدفع الضعف، فأمر له بضعف الضعف، وعندما أعطي هذا الشاعر ماله أنشد أبو دلف الشعري أبياتًا من الشعر قال فيها:
أتعجب أن رأيت علي ديناً
وأن ذهب الطريف مع التِّلاد
ملأت يدي من الدنيا مراراً
فما طمع العواذل في اقتصادي
يتعجب الشاعر في هذه الأبيات من الذين يقتصدون في أموالهم ويبخلون في إنفاقها، فهو لا يقتصد في أمواله، لأن يداه امتلأت مالًا في الكثير من الأحيان.
وما وجبت عليَّ زكاة مال
وهل تجب الزكاة على جواد
وفي يوم من الأيام دخل عليه علي بن جبلة، ومدحه بقصيدة قال فيها:
إنما الدنيا أبو دلفٍ
بين باديه ومحتضره
فإذا ولى أبو دلفٍ
ولّت الدنيا على أثره
كلُّ من في الأرض من عربٍ
بين باديه إلى حضره
مستعير منك مكرمةً
يكتسبها يوم مفتخره
فأمر له بمائة ألف درهم، وعندما وصل خبر هذا الشعر إلى الخليفة المأمون غضب غضبًا شديدًا على علي بن جبلة، وعندما وصله خبر غضب الخليفة عليه هرب، ولكن جنود الخليفة تمكنوا من الإمساك به، وقادوه إلى مجلس الخليفة، وعندما أدخلوه إليه، قال له الخليفة: أأنت من مدحت أبو دلف، وجعلتني ممن يستعير منه المكارم؟، ومن ثم أمر بقتله.
الخلاصة من قصة القصيدة: مدح أحد الشعراء أبو دلف العجلي، فأمر له بجائزة، ولكن قيمتها لم تكن في بيت المال، فأمر له بضعفيها، وعندما أعطي هذا الشاعر جائزته، أنشد أبو دلف أبياتًا من الشعر.
