قصة قصيدة أردنا في أبي حسن مديحا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة أردنا في أبي حسن مديحا

أمّا عن مناسبة قصيدة “أردنا في أبي حسن مديحا” فيروى بأنه كان هنالك وزيرًا للخليفة العباسي المعتمد بالله يسمى أحمد بن المدبر، وكان لهذا الوزير مجلسًا يحضره الشعراء وأهل العلم، وكان إذا قام أحد الشعراء بمدحه، ولم يعجبه ما سمع منه، أمر رجلًا من رجاله بأن يأخذه إلى المسجد، ويبقى معه حتى يصلي مائة ركعة، ومن ثم يتركه، وبسبب ذلك بدأ الشعراء بتجنب الدخول إلى مجلسه ومدحه، إلا قليلًا منهم، وفي يوم من الأيام دخل إلى مجلسه شاعر يقال له الحسين بن عبد الرحمن البصري، واستأذنه أن يمدحه في قصيدة كتبها له، فقال له الوزير: وهل تعلم ما هو الشرط إن لم يعجبني مديحك، فقال له الشاعر: نعم يا مولاي، أعلمه، فقال له الوزير: هات أسمعني ما عندك، فأنشد الحسين بن عبد الرحمن قائلًا:

أردنا في أبي حسن مديحا
كما بالمدح تنتجع الولاة

فقلنا أكرم الثقلين طرا
ومن كفيه دجلة والفرات

فقالوا: يقبل المدحات لكن
جوائزه على المدح الصَلاة

فقلت لهم: وما تغني صلاتي
عيالي إنما الشأن الزكاة

فأما إذ أبى إلا صلاتي
وعاقتني الهموم الشاغلات

فيأمر لي بكسر الصاد منها
لعلي أن تنشطني الصِّلات

فتُصلِح لي على هذا حياتي
ويَصْلِح لي على هذا مماتي

فأعجب الوزير بما سمع من الحسين إعجابًا شديدًا، و أصيب هو ومن كان جالسًا في المجلس من ذكائه في تجاوز شرط الوزير، وسأله وعلامة الدهشة والتعجب واضحة على وجهه، قائلًا: من أين أتيت بمثل هذا الكلام، فقال له الشاعر: قد استخدمت قول أبي تمام حينما أنشد قائلًا:

هُنَّ الحَمامُ فَإِن كَسَرتَ عِيافَةً
مِن حائِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ حِمامُ

اللَهُ أَكبَرُ جاءَ أَكبَرُ مَن جَرَت
فَتَحَيَّرَت في كُنهِهِ الأَوهامُ

مَن لا يُحيطُ الواصِفونَ بِقَدرِهِ
حَتّى يَقولوا قَدرُهُ إِلهامُ

مَن شَرَّدَ الإِعدامَ عَن أَوطانِهِ
بِالبَذلِ حَتّى اِستُطرِفَ الإِعدامُ

وَتَكَفَّلَ الأَيتامَ عَن آبائِهِم
حَتّى وَدِدنا أَنَّنا أَيتامُ

مُستَسلِمٌ لِلَّهِ سائِسُ أُمَّةٍ
لِذَوي تَجَهضُمِها لَهُ اِستِسلامُ

يَتَجَنَّبُ الآثامَ ثُمَّ يَخافُها
فَكَأَنَّما حَسَناتُهُ آثامُ

يا أَيُّها المَلِكُ الهُمامُ وَعَدلُهُ
مَلِكٌ عَلَيهِ في القَضاءِ هُمامُ

فضحك الوزير، وأمر له بمائة دينار.

نبذة عن الحسين بن عبد الرحمن البصري

هو الحسين بن عبد الرحمن البصري، شاعر من شعراء العصر العباسي، من مدينة البصرة في العراق.

المصدر: كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي كتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهانيكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة


شارك المقالة: