قصة قصيدة أسأل يا زرقاء

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة أسأل يا زرقاء

أمّا عن مناسبة قصيدة “أسأل يا زرقاء” فيروى بأنه كان هنالك في اليمامة امرأة يقال لها زرقاء اليمامة، وكانت زرقاء  تبصر الشعرة البيضاء في اللبن وترى الشخص من على مسير يوم وليلة، وكانت اليمامة مدينة جميلة، ففيها العديد من البساتين الخضراء، وفيها عيون الماء، فكان العديد من الملوك يريدون أن يضموها إلى ممالكهم.

وكان هنالك قلعة على جبل من جبالها، وكان القوم إذا أرادوا أن يروا شيئًا أو يروا من قادم باتجاههم، صعدوا إلى هذه القلعة، وأخذوا معهم زرقاء، وجعلوها تنظر، وتخبرهم ما الذي تراه.

وفي يوم من الأيام صعدت إلى القلعة، ونظرت فرأت شيئًا لم تره من قبل، فقد رأت الشجر وهو يمشي، وينتقل من مكان إلى آخر، فنزلت إلى كبير القوم، وأخبرته بالذي رأته، فتعجب منها هو والحاضرين، وقالوا لها: وهل يمشي الشجر؟، فاصعدي إلى القلعة، وانظري مرة أخرى، فصعدت ورأت نفس الشيء، وعادت وأخبرتهم بذلك، فقال أحد أبناء قومها: لعل السيل قطع تلك الأشجار، وحملها معه، فانظري وتأكدي، فنظرت مرة ثالثة، وقالت لهم: لا بل أرى رجالًا يسيرون، ومعهم الشجر يسير، فقالوا لها: لقد خدعك بصرك هذه المرة، فقالت لهم: لا بل أراه بوضوح، كما أراكم الآن، ولكن أحدًا لم يصدقها، وعاد الجميع إلى بيوتهم.

وفي وقت الفجر، استيقظ الجميع على جيش قد هجم على المدينة، وقد كان الجيش مدججًا بالسلاح، على عكس أهل المدينة الذين كانوا نائمين، وعندئذ علم أهل المدينة بأنها كانت صادقة بما أخبرتهم به، ولكن كان ذلك بعد فوات الأوان.

أمر رئيس الجند جنوده أن يحضروا له زرقاء اليمامة، وعندما أحضروها له، قال لها: أنت من منعتني في العديد من المرات من الاستيلاء على هذه المدينة، فكلما أتيت بالجيش رأيتنا وأخبرت قومك عنا، ومنعتينا من الهجوم عليكم، فقالت له: كان ودي لو أني منعتك هذه المرة أيضًا، فقال لها: ولكن حيلتي تغلبت عليك، فقالت له: لا والله، ولكن القوم لم يصدقوني، فقال لها: ما رأيك أن تأتي معي، وأنا لن أكذبك، فقالت له: لا أستطيع، فإن كثرة البكاء على قومي، وعلى أهلي سوف تضعف لي بصري، فقال لها: إذن وجب علي أن أحرمك من عينيك، وبالفعل فعل ذلك، وفي خبر زرقاء اليمامة أنشد أمل دنقل، قائلًا:

أسأل يا زرقاءْ ..
عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء
عن ساعدي المقطوع
وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة
عن صور الأطفال في الخوذات
ملقاةً على الصحراء
عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء
فيثقب الرصاصُ رأسَه
في لحظة الملامسة !
عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء !!
أسأل يا زرقاء
عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدارْ !
عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟
كيف حملتُ العار..
ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسي ؟ ! دون أن أنهار ؟ !
ودون أن يسقط لحمي
من غبار التربة المدنسة ؟ !

نبذة عن أمل دنقل

هو محمد أمل فهيم أبو القسام محارب دنقل، شاعر مصري، ولد في محافظة قنا في صعيد مصر.


شارك المقالة: