قصة قصيدة أشفقت أن يرد الزمان بغدره

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة أشفقت أن يرد الزمان بغدره

أمّا عن مناسبة قصيدة “أشفقت أن يرد الزمان بغدره” فيروى بأن ديك الجن الحمصي كان يحب فتاة يقال لها ورد بنت الناعمة، وكانت هي تحبه أيضًا، فتزوج الاثنان، وعاشا حياة جميلة مليئة بالحب والوفاء، وكان لديك الجن صديق يقال له بكر بن رستم، وكان بكر صديقًا مخلصًا لديك الجن، وكان ديك الجن يثق به، ويخبره بكل صغيرة وكبيرة.

وكان لديك الجن ابن عم يقال له أبو الطيب، وكان أبو الطيب يكره ديك الجن، ويحسده على ما هو فيه، فبدأ يتردد إلى منزله كلما خرج منه، ويتودد إلى زوجته بحجة سؤالها إن كانت تحتاج إلى شيء، ولكنها كانت تصده في كل مرة، فبدأ أبو الطيب يكيد لابن عمه، لكي ينتقم منه، فقد خاف أن تذيع زوجة ابن عمه خبر مراودته لها، ومحاولاته للنيل منها، فيفضح بين أهل الحي.

وقد كان ديك الجن قد استلف مبلغًا من المال من أبي الطيب، فأخذ أبو الطيب يضايقه بالسؤال عن ماله، ولم تفد محاولات ديك الجن بتأجيل الدين، فقرر أن يسافر إلى منطقة من مناطق الشام يقال لها سليمة، وقبل أن يخرج طلب من صديقه أن يعتني بزوجته، ويقضي لها حوائجها، وخرج إلى سليمة، وقابل هنالك أحد الأمراء، فأعطاه ما يحتاج من مال، وعاد إلى حيه.

وعندما علم ابن عمه بخبر عودته إلى الحي، ذهب إلى بيته، وأخبر زوجته بأنه قد تمت مداهمة القافلة من قبل قطاع الطرق، وبأن زوجها قد قتل، فأخذت زوجته تبكي كالمجنونة، وعندما علم أبو الطيب بأن ديك الجن قد اقترب من الحي، ذهب إلى صديقه وأخبره بخبر موته، وبأن عليه أن يذهب إلى زوجته، لعله يهدئ من روعها، فتوجه بكر إلى بيته، وأخذ يواسي زوجته، وهو يبكي.

وعندما وصل ديك الجن إلى الحي، لاقاه ابن عمه، وأخبره بأن صديقه يخونه مع زوجته، وهما الآن في بيته، فجن جنونه، وتوجه مسرعًا إلى البيت، ووجدهما سوية، وعندها سحب سيفه، وقام بقتلهما، وحزن كثيرًا على ما فعل، ورثا زوجته في العديد من القصائد.

وبعد فترة دعاه ابن عمه، وأخبره بأن زوجته وصديقه لم يخوناه، وإنما هي مكيدة قد دبرها هو له، لأنه قد راودها في الكثير من المرات، وكانت تصده في كل مرة، فانفطر قلبه، وبدأ يشرب الخمرة، ويجلس عند قبريهما طوال اليوم، ويبكي عليهما، وهو ينشد قائلًا:

أَشْفَقْتُ أَنْ يَرِدَ الزَّمانُ بِغَدرِهِ
أَوْ أُبْتَلى بَعْدَ الوِصَالِ بَهَجْرِهِ

قَمَرٌ أَنا اسْتَخْرجُتُهُ مِنْ دَجْنِهِ
لِبَليّتي وجَلَوْتُهُ مِنْ خِدْرِهِ

فقتلتُهُ ولَهُ عَلَيَّ كَرامَةٌ
مِلْءَ الحَشا ولهُ الفُؤادُ بأَسْرِهِ

عَهْدِي بِهِ مَيْتاً كأَحْسَنِ نائمٍ
والحُزْنُ يَسْفَحُ عَبْرَتي في نَحْرِهِ

لَوْ كانَ يَدري الميْتُ ماذا بَعْدَهُ
بالحيِّ حَلَّ بَكَى لهُ في قَبْرِهِ

غُصَصٌ تكادُ تغيظ مِنها نَفْسُهُ
وتكادُ تُخْرِجُ قَلْبَهُ مِنْ صَدْرِهِ

نبذة عن ديك الجن الحمصي

عبد السلام بن رغبان بن عبد السلام بن حبيب بن عبد الله بن رغبان بن مزيد بن تميم الكلبي الحمصي، شاعر من شعراء العصر العباسي، ولد في مدينة حمص في سوريا.

المصدر: كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثيركتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسيكتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهانيكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة


شارك المقالة: