قصة قصيدة أصبحت لا أرجو و لا أتقي
أمّا عن مناسبة قصيدة “أصبحت لا أرجو و لا أتقي” فيروى بأن ناصر الدولة أبي علي الحسن بن حمدان قد نزل عند جماعة من قواد الأتراك و أمراء مصر، وأقام عندهم، واتفق معهم على الإطاحة بالمستنصر باللّه في مصر، وقام بإعطائهم شيئا كثيرا من المال، فقاموا باقتسامه فيما بينهم.
و كان أمير الجيوش قد بدر في مبدأ أمره بينما هو مقيم في الشام، وكان قد أظهر الطاعة للمستنصر بالله، وأظهر بأنه موالي له، وبأنه يميل إليه، إلا أنه لا يتمكن من أن ينصره، و بأنه لن يستطيع أن يجد سبيلا إلى مؤازرته و معاضدته، و توجه قواد الأتراك وأمراء مصر بالتوجه إلى دار وزيره المعروف بابن كدينة وقاموا بمطالبته بالمال، فقال لهم: و أي مال بقي بعد نهبكم الأموال و اقتسامكم الأعمال؟، فأصروا عليه و قالوا له: لا بد من أن تبعث بأحد إلى المستنصر باللّه وتطلب منه أن يخرج المال، و تعريفه في ذلك صورة الحال، فكتب إليه بكتاب يشرح له به ما حصل، و أتاه الرد من المستنصر بالله بخط يده، وقال له فيه:
أصبحت لا أرجو و لا أتّقي
إلا إلهي و له الفضل
جدّي نبييّ و إمامي أبي
و قولي التوحيد و العدل
فإن المال مال الله، وإن العبيد هم عبيد الله، وإن الإعطاء أفضل من المنع، ومن ثم كتب له: بسم الله الرحمن الرحيم: {وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ»المال مال اللّه، و العبيد عبيد اللّه، و الإعطاء خير من المنع، «وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}.
نبذة عن المستنصر بالله
هو أبو تميم معد بن الظاهر المعروف بالمستنصر بالله بن علي الظاهر لإعزاز دين الله، ولد في عام ألف وتسعة وعشرون ميلادي في القاهرة، وهو الخليفة الفاطمي الثامن.
أصبحت الدولة الفاطمية حين اعتلى عرشها الخليفة المستنصر بالله الفاطمي قد استقرت تمامًا، واتسعت اتساعًا لم يحدث له مثيل من قبل.
توفي المستنصر بالله في عام ألف وأربعة وتسعون ميلادي.