قصة قصيدة أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية

أمّا عن مناسبة قصيدة “أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية” فيروى بأن الشاعر الجرير كان قد لازم الحجاج بن يوسف الثقفي، ومدحه بالعديد من القصائد، فقام الحجاج بإكرامه وتقريبه منه، ومن بعد أن ذاع صيت الجرير، قام الخليفة عبد الملك بن مروان بطلبه، فقام الحجاج ببعثه مع وفد من عنده إلى الخليفة، وعندما دخل الجرير إلى مجلس الخليفة، طلب منه الخليفة أن ينشد له شيئًا من شعره الحجاج، فأنشد قصيدة قالها مادحًا للحجاج، قال فيها:

دَعا الحَجّاجُ مِثلَ دُعاءِ نوحٍ
فَأَسمَعَ ذا المَعارِجِ فَاِستَجابا

صَبَرتَ النَفسَ يا اِبنَ أَبي عَقيلٍ
مُحافَظَةً فَكَيفَ تَرى الثَوابا

وَلَو لَم يَرضَ رَبُّكَ لَم يُنَزِّل
مَعَ النَصرِ المَلائِكَةَ الغِضابا

إِذا سَعَرَ الخَليفَةُ نارَ حَربِن
رَأى الحَجّاجَ أَثقَبَها شِهابا

تَرى نَصرَ الإِمامِ عَلَيكَ حَقّاً
إِذا لَبَسوا بِدينِهِمِ اِرتِيابا

تَشُدُّ فَلا تُكَذِّبُ يَومَ زَحفٍ
إِذا الغَمَراتُ زَعزَعَتِ العُقابا

عَفاريتُ العِراقِ شَفيتَ مِنهُم
فَأَمسَوا خاضِعينَ لَكَ الرِقابا

وَقالوا لَن يُجامِعَنا أَميرٌ
أَقامَ الحَدَّ وَاِتَّبعَ الكِتابا

ومن بعد ذلك أنشد الجرير قصيدة مدح فيها الخليفة، وقال فيها:

أَغِثني يا فَداكَ أَبي وَأُمّي
بِسَيبٍ مِنكَ إِنَّكَ ذو اِرتِياحِ

فَإِنّي قَد رَأَيتُ عَلَيَّ حَقّاً
زِيارَتِيَ الخَليفَةَ وَاِمتِداحي

فأمر له الخليفة بمائة من أفضل النيق، فقال له: يا أمير المؤمنين، نحن كبار في العمر، وليس لدى أي منا فضل عن إبله، والإبل أباق، فقال له الخليفة: إذن نعطيك ثمنها، فقال له الجرير: لا يا مولاي، ولكن الدعاء، فأمر له الخليفة بثمانية عبيد، فقال له جرير: وماذا عن الجارية يا مولاي، فأمر له بواحدة من الجواري، وقال له: خذها لا نفعتك، وفي خبر ذلك أنشد الجرير:

أَعطَوا هُنَيدَةَ يَحدوها ثَمانِيَةٌ
ما في عَطائِهِمُ مَنٌّ وَلا سَرَفُ

كوماً مَهاريسَ مِثلَ الهَضبِ لَو وَرَدَت
ماءَ الفُراتِ لَكادَ البَحرُ يُنتَزِفُ

جوفَ الحَناجِرِ وَالأَجوافِ ما صَدَرَت
عَن مَعطِنِ الماءِ إِلّا حَوضُها رَشَفُ

بِالصَيفِ يُقمَعُ مَثلوثُ المَزادِ لَها
كَأَنَّهُم مِن خَليجَي دِجلَةَ اِغتَرَفوا

إِنّي شَكَرتُ وَقَد جَرَّبتُ أَنَّكُمُ
عَلى رِجالٍ وَإِن لَم يَشكُروا عُطُفُ

يا رُبَّ قَومٍ وَقَومٍ حاسِدينَ لَكُم
ما فيهُمُ بَدَلٌ مِنكُم وَلا خَلَفُ

إِنَّ القَديمَ وَأَسلافاً تُعَدُّ لَكُم
نِعمَ القَديمُ إِذا ما عُدَّ وَالسَلَفُ

حَربٌ وَآلُ أَبي العاصي بَنَوا لَكُمُ
مَجداً تَلاداً وَبَعضُ المَجدِ مُطَّرَفُ

نبذة عن الجرير

هو جرير بن عطية الكلبي اليربوعي التميمي، وهو واحد من أشهر شعراء العصر الأموي، واشتهر بشعر الهجاء.


شارك المقالة: