قصة قصيدة أعلى العهد مالك بن سنان

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة أعلى العهد مالك بن سنان

أمّا عن مناسبة قصيدة “أعلى العهد مالك بن سنان” فيروى بأن رجلًا يقال له السميدع بن عمرو الكلابي كان كثيرًا ما يسافر، وفي يوم من الأيام وفي واحدة من أسفاره، وكان يومها متجهًا صوب اليمامة، وبينما هو في مسيره، كان الظلام قد اقترب، فرأى السميدع بيتًا يلوح في الأفق، فقرر أن يتوجه إلى البيت، ويطلب من أهله أن يبيت عندهم، فاقترب من باب البيت، وطرقه، فخرجت له فتاة، وقالت له: هل أنت ضيف؟، فقال لها: نعم، فقالت له: على الرحب والسعة، ولكن عليك أن تجلس بالقرب من البيت حتى يأتي صاحب البيت، فجلس السميدع على صخرة قريبة من البيت، وأخذ ينتظر صاحب المنزل.

وبينما هو ينتظر مرت من عنده سوداء، وفي يدها جفنة فيها تمر ورطب، فقالت له: كل من هذه، فقال لها: إني مكتفي، شكرًا لك، فأخذت تأكل هي، وأطعمت ناقته، وتوسدت ذراعها، وإذ بغبار في الجو قد حال بينه وبين البيت، ثم أخذه النعاس، فنام، ولم يستيقظ إلا على شاب جميل الوجه، ومعه عدد من العبيد، وكانوا قد أحضروا معهم حطبًا، فوضعوه، وأشعلوا النار فيه، وأحضروا كبشًا، وطبخوه، حتى نضج، ومن ثم قدموه لهما، فجلسا يأكلان، وبعد أن انتهيا من الطعام، قال له الشاب: ابقى هنا حتى الصباح، وفي اليوم التالي، أتى هو وعبيده، وفعلوا كما فعلوا في اليوم السابق، وبعد أن انتهوا من تناول الطعام، قال الشاب: إني لم أوفك حقك فأقم عندي اليوم، فقال له السميدع: سمعًا وطاعة.

فدخل الاثنان إلى البيت، وجلسا، فأتت الجارية، وقالت له: أجب ابنة عمك من وراء حجاب، فدخل عليها، ورد السلام، فقالت له: هل أنت ذاهب إلى اليمامة؟، فقال لها: نعم، فقالت له: احفظ هذه الأبيات عني، وأعد إلي الجواب، وأنشدته قائلة:

أعلى العهد مالك بن سنان
أم سقاه أفاوق الغدر ساق

أن يكن خان أو تناءى فإني
لعلى العهد ما استناع رماقي

ما ألم الرقاد مذ بنت إلا
بجفون قريحة الآماق

فعليك السلام ما لألأ النور وما
دب في الثرى عرق ساق

ثم قالت له: أنشد هذه الأبيات في الحضرمة، وعندما أراد الخروج، وإكمال طريقه، أتاه الشاب، وقال له: هل تبلغ عني رسالة؟، فقال له: نعم، فقال له: قف عند قران بني سحيم، وأنشد:

أيا سر حتى قرّان بالله خبراً
عن البكره العيساء كيف نزاعها

فلو أن فيها مطمعاً لمتيم
نأت دارها عنه وخيف امتناعها

لهان عليه جوب كل تنوفة
يخاف عليه جورها وضياعها

تغرّبت عن نفسي وأيقنت أنها
تريد وداعاً يوم جدّ وداعها

وعندما دخل اليمامة وقف في المكان الذي وصفه، وأنشد الأبيات، وإذ بفتاة وقفت عنده، وأنشدن قائلة:

تحمل هداك الله مني تحية
إليه جديد كل يوم سماعها

وخبر عن العيساء إن قد توح
مت مراعيها وطال نزاعها

لقد قطع البين المشتت ألفة
عزيز علينا أن يحم انقطاعها

ثم شهقت شهقة وماتت من فورها، وعندما أراد العودة من اليمامة، وقف بالحضرمة وأنشد أبيات الامرأة، فأجابه أحدهم قائلًا:

لم يحل عن وفائه ابن سنان
لا ولا غاله انتشاء الفراق

إن بين الحشا لهيب اشتياق
ليس يطفي جواه إلا التلاقي

إنما أبقت الهموم خيالاً
بالياً ممسكاً بماء الرماق

ثم شهق شهقة فمات، وعندما عاد إلى الحي، أخبر الامرأة بالجواب، فشهقت شهقة وماتت، وبدأت الجواري بالصراخ، فأقبل الشاب، وسأله عما بها، فأخبره بالخبر، وأعلمه بما أنشدت الفتاة جوابًا له على أبياته، فشهق شهقة ومات.

حالة الشاعرة

كانت حالة الشاعرة عندما أنشدت هذه القصيدة الحزن على فراق حبيبها، والحيرة من أمره، وهل ما زال على الوعد، أم خانها.


شارك المقالة: