تعتبر قصيدة “أفاطم لو شهدت ببطن خبت” من أبرز القصائد العربية التي تجسد روح الفخروالشجاعة والتحدي، للشاعر بشر بن عوانة العبدي، الذي يعتبر من شعراء الصعاليك، فقد تمكن من رسم لوحة فنية بديعة تصور مواجهة شجاعة مع أسد، وتحولت هذه القصيدة إلى رمز للصمود والإباء.
ما لا تعرف عن قصيدة أفاطم لو شهدت ببطن خبت
أراد الشاعر بشر بن عوانة أنْ يخطب محبوبته ابنة عمه فاطمة فذهب إلى عمه ليطلب يدها فاشترط والدها عليه ألف ناقة من قبيلة خزاعة وكان الغرض من هذا المهر أنْ يسلك الطريق بين قبيلتهم وقبيلة خزاعة، ويوجد بهذه الطريق أسدًا اسمه داذ وأفعى اسمها شجاع وقد قيل فيهم:
أَفْتَكُ مِنْ دَاذٍ وَمِنْ شُجَاعٍ
إِنْ يِكُ دَاذٌ سَيِّدَ السِّبَـاعِ
فسلك بشر الطريق إلى خزاعة ولقاه الأسد فنزل عن جواده وقتله وكتب بدمه على قميصه لفاطمة قصيدة مطلعها:
أَفَاطِمُ لَوْ شَهِدْتِ بِبَطْنِ خَـبْـتٍ
وَقَدْ لاَقى الهِزَبْرُ أَخَاكِ بِشْـرَا
إِذاً لَـرَأَيْتِ لَـيْثـاً زَارَ لَـيْثـاً
هِزَبْرَاً أَغْلَباُ لاقـى هِـزَبْـرَا
تَبَهْنَسَ ثم أحجم عَنْهُ مُهْـرِي
مُحَاذَرَةً، فَقُلْتُ: عُقِرْتَ مُهْـرَا
أَنِلْ قَدَمَيَّ ظَهْرَ الأَرْضِ؛ إِنِّـي
رَأَيْتُ الأَرْضَ أَثْبَتَ مِنْكَ ظَهْرَا
وَقُلْتُ لَهُ وَقَدْ أَبْـدَى نِـصـالاَ
مُحَدَّدَةً وَوَجْهاً مُـكْـفَـهِـراًّ
يُكَفْـكِـفُ غِـيلَةً إِحْـدَى يَدَيْهِ
وَيَبْسُطُ للْوُثُوبِ عَلـيَّ أُخْـرَى
يُدِلُّ بِمِخْـلَـبٍ وَبِـحَـدِّ نَـابٍ
وَبِاللَّحَظاتِ تَحْسَبُهُنَّ جَـمْـرَا
وَفي يُمْنَايَ مَاضِي الحَدِّ أَبْقَـى
بِمَضْرِبهِ قِراعُ المْـوتِ أُثْـرَا
أَلَمْ يَبْلُغْكَ مَا فَعَـلَـتْ ظُـبـاهُ
بِكَاظِمَةٍ غَدَاةَ لَقِـيتُ عَـمْـرَا
وَقَلْبِي مِثْلُ قَلْبِكَ لَيْسَ يَخْـشَـى
مُصَاوَلةً فَكَيفَ يَخَافُ ذَعْرَا ؟!
وَأَنْتَ تَرُومُ للأَشْـبَـالِ قُـوتـاً
وَأَطْلُبُ لابْنَةِ الأَعْمامِ مَـهْـرَا
فَفِيمَ تَسُومُ مِـثْـلـي أَنْ يُوَلِّـي
وَيَجْعَلَ في يَدَيْكَ النَّفْسَ قَسْرَا؟
نَصَحْتُكَ فَالْتَمِسْ يا لَيْثُ غَـيْرِي
طَعَاماً؛ إِنَّ لَحْمِي كَـانَ مُـرَّا
فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّ الغِشَّ نُـصْـحِـى
وَخالَفَنِي كَأَنِي قُلْتُ هُـجْـرَا
مَشَى وَمَشَيْتُ مِنْ أَسَدَيْنَ رَامـا
مَرَاماً كانَ إِذْ طَلَبـاهُ وَعْـرَا
هَزَزْتُ لَهُ الحُسَامَ فَخِلْتُ أَنِّـي
سَلَلْتُ بِهِ لَدَى الظَّلْماءِ فَجْـرَا
وَجُدْتُ لَـهُ بِـجَـائِشَةٍ أَرَتْـهُ
بِأَنْ كَذَبَتْهُ مَا مَـنَّـتْـهُ غَـدْرَا
وَأَطْلَقْتُ المَهنَّد مِـنْ يَمِـيِنـي
فَقَدَّ لَهُ مِنَ الأَضْلاَعِ عَـشْـرَا
فَخَرَّ مُـجَـدَّلاً بِـدَمٍ كَـأنـيَّ
هَدَمْتُ بِهِ بِناءً مُـشْـمَـخِـرا
وَقُلْتُ لَهُ: يَعِـزُّ عَـلَّـي أَنِّـي
قَتَلْتُ مُنَاسِبي جَلَداً وَفَـخْـرَا؟
وَلَكِنْ رُمْتَ شَـيْئاً لـمْ يَرُمْـهُ
سِوَاكَ، فَلمْ أُطِقْ يالَيْثُ صَبْـرَا
تُحاوِلُ أَنْ تُعَلِّمـنِـي فِـرَاراً!
لَعَمْرُ أَبِيكَ قَدْ حَاوَلْتَ نُـكْـرَا!
فَلاَ تَجْزَعْ؛ فَقَدْ لاقَـيْتَ حُـرًّا
يُحَاذِرُ أَنْ يُعَابَ؛ فَمُـتَّ حُـرَّا
فَإِنْ تَكُ قَدْ قُتِلْتَ فَلـيْسَ عَـاراً
فَقَدْ لاَقَيْتَ ذا طَرَفَـيْنِ حُـرَّا
وبعد قتله للأسد أكمل طريقه ولقي شجاع فقتلها وعندما علم عمه بما حدث معه في الطريق وقال: إني عرضتك طمعاً في أمر قد ثنى الله عناني عنه فارجع لأزوجك ابنتي فاطمة فلما عاد بشر تزوج فاطمة.