قصة قصيدة أقيموا بني أمي صدور مطيكم
أمّا عن مناسبة قصيدة “أقيموا بني أمي صدور مطيكم” فيروى بأنه وفي ليلة من ليالي الشتاء الشديدة البرودة، حتى أنها تعتبر ليلة نحس من شدة برودتها، وكان جميع الناس في خيمهم يشعلون كل ما استطاعوا أن يجدوه لكي يقوا أنفسهم الموت من شدة البرودة، حتى أن بعضهم قام بإشعال قوسه الذي كان يستخدمه ليدافع به عن نفسه ضد وحش أو عدو، ومن بعد قوسه يقوم بإشعال نباله التي يرمي بها، ولم يخرج أي رجل من خيمته، وكان ثابت بن أواس الأزدي قد قام بتجهيز نفسه للخروج من خيمته، فخرج في تلك الليلة وتوجه إلى أعدائه.
وعندما وصل إليهم، هاجمهم وهو يشعر بالحمى تشعل جوفه، والدنيا تمطر من فوقه، فاحتار القوم من مهاجمهم، فبعضهم يقول بأنه ضبع أو وحش، وآخر يقول بأنه لا بد بأنه جني، وبأن لا طاقة لهم بقتاله، وآخر يقول إن كان مهاجمنا من الإنس، فكيف لإنسان بأن يفعل كهذا فعل، واقتتل معهم، وتمكن من قتل الكثير من رجالهم، وعاد منتصرًا إلى دياره، وكأن شيئًا لم يكن، وفي خبر ذلك أنشد ثابت بن أواس الأزدي قائلًا:
أَقيموا بَني أُمّي صُدورَ مَطِيَّكُم
فَإِنّي إِلى قَومٍ سِواكُم لَأَمَيلُ
فَقَد حُمَّت الحاجاتُ واللَيلُ مُقمِرٌ
وَشُدَّت لِطِيّاتٍ مَطايا وَأَرُحلُ
وَفي الأَرضِ مَنأى لِلكَريمِ عَنِ الأَذى
وَفيها لِمَن خافَ القِلى مُتَعَزَّلُ
لَعَمرُكَ ما في الأَرضِ ضيقٌ عَلى اِمرئٍ
سَرى راغِباً أَو راهِباً وَهوَ يَعقِلُ
وَلي دونَكُم أَهلَونَ سيدٌ عَمَلَّسٌ
وَأَرقَطُ زُهلولٌ وَعَرفاءُ جَيأَلُ
هُمُ الرَهطُ لا مُستَودَعُ السِرَّ ذائِعٌ
لَدَيهِم وَلا الجاني بِما جَرَّ يُخذَلُ
وَكُلٌّ أَبِيٌّ باسِلٌ غَيرَ أَننَّي
إِذا عَرَضَت أُولى الطَرائِدِ أَبسَلُ
وَإِن مُدَّتِ الأَيدي إِلى الزادِ لَم أَكنُ
بِأَعجَلِهِم إِذ أَجشَعُ القَومِ أَعجَلُ
وَما ذاكَ إِلاّ بَسطَةٌ عَن تَفَضُّلٍ
عَلَيهِم وَكانَ الأَفضَلَ المُتَفَضَّلُ
وَلي صاحِبٌ من دونِهم لا يَخونني
إِذا التبسَت كفِّي بِهِ يَتَأكّلُ
نبذة عن ثابت بن أواس الأزدي
هو ثابت بن أواس الأزدي، وهو شاعر من شعراء العصر الجاهلي، يلقب بالشنفري، وهو أحد فتاك العرب، اشتهر بشجاعته.