قصة قصيدة ألا أبلغا عني حصينا رسالة
أمّا عن مناسبة قصيدة “ألا أبلغا عني حصينا رسالة” فيروى بأنه في يوم من الأيام ولي عبيد الله بن زياد بن الحصين بن أبي الحر العنبري على ميسان، فاستلم ولايتها، وبقي واليًا عليها لما يزيد عن الخمس سنين، وفي يوم بعث له أبو الأسود الدؤلي بكتاب، وطلب منه في هذا الكتاب أن يسمح له بلقائه، ولكن عبيد الله بن زياد تهاون في النظر في كتابه، ولم يرد عليه، فرجع له من بعث الكتاب معه، وأخبره بخبر ذلك، فأنشد أبو الأسود قائلًا:
أَلا اَبلِغا عَنّي حُصَيناً رِسالَةً
فَإِنَّكَ قَد قَطَّعتَ أُخرى خِلالِكا
رَأَيتَ زَماناً قَطَّعَ الناسُ بَينَهُم
عُرى الحَقِّ فيهِ فاقتَدَيتَ بِذالِكا
فَلَو كُنتُ إِذ خُبِّرتُ أَنَّكَ عامِلٌ
بِمَيسان تُعطي الناسَ مِن غَيرِ مالِكا
سَأَلتُكَ أَو عَرَّضتُ بِالوُدِّ بَينَنا
لَقَد كانَ حَقّاً واجِباً بَعضُ ذالِكا
وَخَبَّرَني مَن كُنتُ أَرسَلتُ إِنَّما
أَخذتَ كِتابي مُعرِضاً بِشِمالِكا
نَظَرتَ إِلى عِنوانِهِ فَنَبَذتَهُ
كَنَبذِكَ نَعلاً أَخلَقَت مِن نِعالِكا
حَسِبتُ كِتابي إِذ أَتاكَ مُعَرِّضاً
لِسَيبكَ لَم يَذهَب رَجائي هُنالِكا
نُعَيمُ بنُ مَعسودٍ حَقيقٌ بِما أَتى
وَأَنتَ بِما تَأَتي حَقيقٌ بِذالِكا
وعندما وصلت الأبيات التي أنشدها أبو الأسود إلى عبيد الله بن الحصين غضب غضبًا شديدًا، وقال: والله إني لم أكن أظن بأن منزلة أبي الأسود قد وصلت أن يتعاطى من إساءة وتوعد وتوبيخ تجاهنا، وعندما وصل ذلك إلى أبي الأسود، أنشد قائلًا:
أَبلِغ حُصَيناً إِذا جِئتَهُ
جَواباً وَمَوعِظَةً لَكَ فيها
رَسولاً إِذا كُنتَ ذا إِربَةٍ
بِما يَعتَريكَ بَصيراً فَقيها
وَمِن خَيرِ ما يَتعاطى الرِجالُ
نَصيحَةُ ذي الرأيِ لِلمُجتَبيها
فَلاتَكُ مِثلَ الَّتي اِستَخرَجَت
مِن أَظلافِها مُديَةً أَو بِفيها
فَقامَ إِلَيها بِها ذابِحٌ
وَمَن تَدَعُ يَوماً شَعوبُ يَجيها
فَظَلَّت بِأَوصالِها قِدرُها
تَحُشُّ الوَليدَةَ أَو تَشتَويها
فَإِنَّكَ إِن تَأبَ لا تَنتَهي
وَلَم تَرَ هَذا بنُصحٍ شَبيهاً
أُزَرِّدكَ صاباً وَكانَ المُرا
رُ والصابُ قِدماً شَراباً كَريهاً
نبذة عن أبي الأسود الدؤلي
هو ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر بن حلس بن نفاثة بن عدي بن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، من أسياد التابعين، هو من شكل أحرف المصحف بأمر من علي بن أبي طالب، ولد في الحجاز في شبه الجزيرة العربية، وتوفي في البصرة في العراق.