نبذة عن الشاعر الشنفري الأزدي:
هو ثابت بن أواس الأزدي، أحد الشعراء الجاهليين، وهو من الطبقة الثانية من الشعراء، ولد في القرن الخامس الميلادي في الجزيرة العربية، وهو أحد فتاك العرب، نشأ في قبيلة أمه وهي قبيلة فهم، وكان ذلك لأنه قد تم سبّه من قبيلة أبيه. وتوفي الشنفري الأزدي في القرن السادس الميلادي.
قصة قصيدة ألا أم عمرو أجمعت فاستقلت:
أما عن مناسبة قصيدة “ألا أم عمرو أجمعت فاستقلت”، فيروى بأن الشنفري الأسدي كان متزوجًا من امرأة تدعى أميمة، وقد كان الشنفري يحب زوجته حبًا عظيمًا، وكان متيمًا في هواها، ولم يكن يحب شكلها الخارجي فحسب، بل كان يحب صفاتها الخُلقية المثالية لديها، وكان يراها زوجة فاضلة، ولكنها وعلى الرغم من ذلك لم تكن تحبه، وكانت تكره حياتها معه، وفي يوم من الأيام هربت زوجته أميمة من المنزل من دون أن تخبر أحدًا بنيتها على الهروب حتى جاراتها.
وعندما وصل خبر هروبها إلى زوجها لم يغضب منها، ولم يسخط عليها، ولم تأخذه الحمية الجاهلية مقابل جهل زوجته، بل قام بكتابة قصيدة تحمل أروع المعاني وأرق الكلمات، وقد بيّن في هذه القصيدة أنه كان معجبًا بأخلاق زوجته، فهي لم تقم في يوم بخلع حجابها عن وجهها لكي تبدي للناس حسنها وجمالها، ولم تكن تلتفت إلى أحد لكي لا يشك الناس بعفتها، وأنشد الشنفري الأزدي في هذه القصيدة قائلًا:
أَلا أَمُّ عَمرو أَجمَعَت فَاِستَقَلَّتِ
وَما وَدَّعَت جيرانَها إِذ تَوَلَّتِ
وَقَد سَبَقَتنا أُمُّ عَمرو بِأَمرِها
وَكَانَت بِأَعناقِ المَطِيَّ أَظَلَّتِ
بِعَينَيَّ ما أَمسَت فَباتَت فَأَصبحَتَ
فَقَضَّت أُموراً فَاِستَقَلَّت فَوَلَّتِ
فَوَا كَبِدا عَلى أُمَيمَةَ بَعدَما
طَمِعتُ فَهَبها نِعمَةَ العَيشِ زَلَّتِ
فَيا جارَتي وَأَنتِ غَيرُ مُليمَةٍ
إِذ ذُكِرتُ وَلا بِذاتِ تَقَلَّتِ
لَقَد أَعجَبَتني لا سَقوطاً قِناعُها
إِذا ما مَشَت وَلا بِذاتِ تَلَفُّتِ
تَبيتُ بُعَيدَ النَومِ تُهدي غَبوقَها
لِجارَتِها إِذا الهَدِيَّةُ قَلَّتِ
تَحُلُّ بِمَنجاةٍ مِنَ اللَومِ بَيتَها
إِذا ما بُيوتٌ بِالمَذَمَّةِ حُلَّتِ
كَأَنَّ لَها في الأَرضِ نِسياً تَقُصُّهُ
عَلى أَمَّها وَإِن تُكَلَّمكَ تَبلَتِ
أُمَيمَةُ لا يُخزى نَثاها حَليلَها
إِذا ذُكَرِ النِسوانُ عَفَّت وَجَلَّتِ