قصة قصيدة ألا حنت المرقال وائتب ربها
أمّا عن مناسبة قصيدة “ألا حنت المرقال وائتب ربها” فيروى بأنه في يوم من الأيامعتب أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان على الحسن بن الحسن رضي الله عنهما، بسبب شيء بلغه عنه وهو أن أهل العراق قد قاموا بدعوته للخروج معهم ضد عبد الملك بن مروان، فدعاه إلى مجلسه، وأجلسه عنده، وعاتبه على ما بدر منه، فأخذ الحسن يعتذر منه ويقسم له بأنه لم يوافقهم على ما دعوه إليه، وبينما هو يعتذر منه، قال خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان لأمير المؤمنين: ألا تقبل من ابن عمك اعتذاره منك، وتزيل عن قلبك ما قد أشربته إياه، أولم تسمع قول أبي الطمحان القيني:
إِذا كانَ في صَدرِ ابنِ عَمِّكَ إِحنَةً
فَلا تَستَثرها سَوفَ يَبدو دَفينُها
وَإِن حَمأَةُ المَعروفِ أَعطاكَ صَفوَها
فَخُذ عَفوَهُ لا يَلتَبِس بِكَ طينُها
مَتى ما يَسُؤ ظَنُّ امرِئٍ بِصَديقِهِ
يصدق بَلاغاتٍ يَجِئهُ يَقينُها
وفي يوم من الأيام نزل أبو الطمحان القيني على الزبير بن عبد المطلب بن هاشم، وكان العرب معتادون على النزول عنده، وأقام عنده، وطال مقامه لديه، وفي يوم استأذنه بأنه يريد العودة إلى دياره وأهله، وشكا له شوقه إليهم، ولكن الزبير بن عبد المطلب لم يأذن له، وسأله أن يطيل مقامه عنده، فأقام عنده مدة من الزمن، ومن ثم جاءه، وقال له:
ألاَ حَنَّت المِرْقالُ وائْتبَّ ربُّها
تَذَكَّرُ أوطاناً وأَذْكرُ مَعْشَري
ولو عَرَفتْ صَرْفَ البُيُوْع لَسَرَّهَا
بمكةَ أنْ تَبْتاعَ حَمْضاً بإذْخرِ
أسَرَّكِ لو أنّا بجَنْبَيْ عُنَيزةٍ
وحَمْضٍ وضُمران الجنَابِ وصَعْتَرِ
إذا شاء راعيها استقَى من وَقيعةٍ
كعَيِن الغُرابِ صَفْوُها لم يُكَدَّر
فلما أنشده إياها أذن له فانصرف عائدًا إلى قومه، وكان نديما له.
نبذة عن أبو الطمحان القيني
هو حنظلة بن شرقي، وهو أحد المعمرين من أبناء بني القين، من قضاعة، كان شاعرًا مخضرمًا عاش في العصر الجاهلي، وكان فارسًا من فرسان قومه، كان من نديمي الزبير بن عبد المطلب، أدرك الإسلام، وأسلم، ولكنه لم ير النبي صل الله عليه وسلم.
هو صاحب البيت المشهور:
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم
دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه