قصة قصيدة ألا ليت ذات الخال تلقى من الهوى
أمّا عن مناسبة قصيدة “ألا ليت ذات الخال تلقى من الهوى” فيروى بأن من أشهر غراميات الخليفة هارون الرشيد هي التي دارت مع الجواري الثلاث، اللواتي أتين إليه كهدية في نفس الوقت، وهن: سحر وضياء وخنث، وكان الذي أهداهن للخليفة هو الفضل بن الربيع، وكان يريد من ذلك أن يتقرب منه، ففي يوم من الأيام دخل إلى مجلسه، ووجد عنده رجل يقال له إبراهيم الموصلي، وكان يغنيه شيئًا من الأغاني، وكان بجانب الخليفة جارية شديدة الجمال، فأخذ يحدثه عن الجواري الثلاث اللواتي يمتلكهن، وكان يريد أن يثير اهتمامه بهن، فكان له ما أراد، وطلب منه الخليفة أن يحضرهن إلى مجلسه.
وعندما رآهن الخليفة، سيطرن على عواطفه، وقبلهن من الفضل بن الربيع، وأصبحن يلازمن مجلسه، وكانت أشهرهن هي خنث، التي تلقب بذات الخال، وكانت قبل أن تصبح جارية الخليفة، تغني في دار تضم مجلسًا للغناء، وكانت جميلة تجيد الغناء، ووقع في غرامها العديد من الرجال ومن بينهم العباس بن الأحنف، الذي قال فيها:
أَلا لَيتَ ذاتَ الخالِ تَلقى مِنَ الهَوى
عَشيرَ الَّذي أَلقى فَيَلتَئِمَ الشَعبُ
إِذا رَضيَت لَم يَهنِني ذَلِكَ الرِضا
لِعِلمي بِهِ أَن سَوفَ يَتبَعُهُ العَتَبُ
وَأَبكي إِذا ما أَذنَبَت خَوفَ صَدِها
وَأَسأَلُها مَرضاتَها وَلَها الذَنبُ
وَلَو أَنَّ لي تِسعينَ قَلباً تَشاغَلَت
جَميعاً فَلَم يَفرُغ إِلى غَيرِها قَلبُ
وَلَم أَرَ مَن لا يَعرِفُ الحُبَّ غَيرَها
وَلَم أَرَ مِثلي حَشوُ أَثوابِهِ الحُبُّ
أَما لِكِتابي مِن جَوابٍ يَسُرُّني
وَلا لِرَسولي مِنكِ لينٌ وَلا قُربُ
وِصالُكُمُ صَرمٌ وَحُبُّكُمُ قِلىً
وَعَطفُكُمُ صَدٌ وَسِلمُكُمُ حَربُ
وَأَنتُم بِحَمد اللَهُ فيكُم فَظاظَةٌ
فَكُلُّ ذَلولٍ في جَوانِبِكُم صَعبُ
إِذا زُرتُكُم قُلتُم نَزوعٌ وَإِن أَدَع
زيارَتَكُم يَوماً يَكُن مِنكُم عَتبُ
فَهَجري لَكُم عَتبٌ وَوَصلي لَكُم أَذىً
فَلا هَجرُكُم هَجرٌ وَلا حُبُّكُم حُبُّ
نبذة عن العباس بن الأحنف
هو العباس بن الأحنف بن الأسود بن طلحة بن حدان بن كلدة بن جذيم بن شهاب بن سالم بن حية بن كليب، وهو شاعر من شعراء العصر العباسي، ولد في البصرة وتوفي في بغداد.