قصة قصيدة ألا من مبلغ النعمان عني
أمّا عن مناسبة قصيدة “ألا من مبلغ النعمان عني” فيروى بأنه عدي بن زيد كان يجيد اللغة العربية واللغة الفارسية، وبسبب ذلك أصبح ترجمانًا عند ملك الفرس، وأصبح مقربًا منه، وكان يثق فيه، ويثق في رأيه، وكان في وقتها عمرو بن هند ملك العرب، وفي يوم من الأيام قام عمرو بن كلثوم بقتل عمرو بن هند لأنه قام بالإساءة لأمه، فأصبحت العرب بسبب ذلك من دون ملك، فأمر ملك الروم بإحضار عدي بن زيد، فذهبوا وأحضروه إليه، وعندما دخل عدي بن زيد إلى مجلسه، ورد عليه بالسلام، وجلس، طلب منه ملك الروم أن يشير عليه بأحد لكي يصبح ملك العرب من بعد عمرو بن هند.
فأشار عدي بن زيد عليه بأن يولي النعمان بن المنذر بن امرؤ القيس ملكًا على العرب، ولكن ملك الفرس لم يقتنع بالنعمان، ولم يقبل به ملكًا على العرب، فأخذ عدي بن زيد يحتال عليه حتى أقنعه بأن يوليه ملك العرب، وبذلك أصبح النعمان بن المنذر ملكًا على العرب بسببه.
وبعد أن أصبح النعمان ملكًا على العرب، بلغه عن عدي بن زيد شيئًا فخافه، فاحتال عليه حتى وقع بين يديه، ومن ثم قام بوضعه في الحبس، وبينما هو في الحبس كتب قصيدة، وبعث بها إلى النعمان بن منذر، وقال فيها:
ألا مَن مُبلِغُ النُّعمانَ عَنِّي
فَبَينَا الَمرءُ أَغَربَ إذ أَراحا
أَطعَتَ بَني بُقَيلَةَ في وِثاقي
وكُنَّا في حُلُوقِهُمُ ذُبَاحا
مَنَحتهُمُ الفُراتَ وجانِبَيهِ
وتَسقينا الأَواجِنَ والمِلاَحا
وكتب له أيضًا قصيدة قال فيها:
أَبلِغِ النُعمانَ عَنّي مَألَكاً
إِنَّني قَد طالَ حَبسي وَاِنتِظاري
لَو بِغَيرِ الماءِ حَلقي شَرِقٌ
كَنتُ كَالغَصّانِ بِالماءِ اِعتِصاري
وَعُداتي شَمِتَت أَعجَبَهُم
أَنَّني غُيِّبتُ عَنهُم في إِساري
فَلَئِن دَهرٌ تَوَلّى خَيرُهُ
وَجَرَت بِالنَحسِ لي مِنهُ الجَواري
لي بِما مِنهُ قَضَينا حاجَةٌ
وَحَياةُ المَرءِ كَالشَيءِ المُعارِ
لَثِقَ الريشُ تَدَلّى غُدوَةً
مِن أَعالي صَعبَةِ المَرقى طَمارِ
لَيتَ شِعري عَن دَخيلٍ يَفتَري
حَيثُما أَدرَكَ لَيلي وَنَهاري
لِاِمرِئٍ لَم يَبلُ مِنّي سَقطَةً
إِن أَصابَتهُ مُلِمّاتُ العِثارِ
قاعِداً يَكرُبُ نَفسي بَثُّها
وَحَراماً كانَ سِجني وَاِحتِصاري
نَحنُ كُنّا قَد عَلِمتُم قَبلَكُم
عُمُدَ البَيتِ وَأَوتادَ الإِصارِ
نبذة عن عدي بن زيد
هو عدي بن زيد بن حماد بن زيد العبادي التميمي، شاعر من شعراء العصر الجاهلي، وهو من أهل الحيرة.