قصة قصيدة ألا موت يباع فاشتريه
أمّا عن مناسبة قصيدة “ألا موت يباع فاشتريه” فيروى بأن أبا محمد الوزير المهلبي كان قبل أن يتصل بالأمير معز الدولة البويهي في شدة وفقر، ولم يكن يملك ما يعيله على قضاء يومه، وفي يوم من الأيام اضطر أبو محمد للسفر من مدينته، فخرج وهو على نفس حالته من الفقر والعوز، وكان معه رفيق له يقال له أبو عبد الله الصوفي، وبينما هو في سفره اشتهى اللحم، ولكنه لم يقدر أن يشتريه ويأكله، فأنشد قائلًا:
ألا موت يباع فاشتريه
فهذا العيش ما لا خير فيه
ألا موت لذيذ الطعم يأتي
يخلصني من العيش الكريه
إذا أبصرت قبرا من بعيد
وددت لو أنني مما يليه
ألا رحم المهيمن نفس حر
تصدق بالوفاة على أخيه
فسمع أبو عبد الله ما قال من أبيات، فقام من فوره، وتوجه إلى السوق، وكان معه درهم، فاشترى به لحمًا، ومن ثم عاد، وطبخ اللحم، وأطعم أبا محمد، ومن بعد تلك الحادثة افترق الرجلان.
مر الزمان وأصبح أبو محمد وزيرًا عند الأمير معز الدولة في بغداد، وبينما هو كذلك، ضاق الحال بصديقه أبو عبد الله الذي اشترى له اللحم في سفره، وكان قد وصله الخبر بأن أبا محمد أصبح وزيرًا، فبعث إليه بكتاب، كتب له فيه ابياتًا من الشعر، قائلًا:
ألا قل للوزير فدتْهُ نفسي
مقال مذكّرٍ ما قد نسيه
أتذكرُ إذ تقولُ لضيق عيشٍ
ألا موتٌ يُباعُ فاشتريه
وعندما وصل الكتاب إلى أبا محمد الوزير، وقرأ ما جاء فيه، تذكر ما كان عليه من حال، وما فعل له رفيقه، وأمر له بسبعمائة درهم، وكتب له على رقعة: {مَثَلُ الذين يُنفقون أموالَهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبعَ سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم}، وبعثها مع الدراهم إليه، ومن ثم أمر به أن يحضر إليه، وعندما أتاه ودخل عليه، خلع عليه، وسلمه عملًا يعيش منه.
نبذة عن أبو محمد الوزير المهلبي
هو أبو محمد الحسن بن محمد بن هارون المهلبي، أصبح وزيرًا في الدولة البويهية في عهد معز الدولة.