قصة قصيدة ألا يا اسلما على التقادم والبلى
أمّا عن مناسبة قصيدة “ألا يا اسلما على التقادم والبلى” فيروى بأنه في يوم من الأيام نزل الشاعر الأخطل عند رجل يقال له سعيد بن بيان التغلبي، وكان هذا الرجل أعور العين، ولكنه كان صاحب مال كثير، وكان أيضًا سيد قبيلة بني تغلب في الكوفة في العراق، وكان سعيد متزوجًا من امرأة يقال لها برة بنت أبي هاني التغلبي، وكانت بره من أجمل نساء المدينة.
وعندما وصل الأخطل احتفل به سعيد احتفالًا كبيرًا، وأكرمه خير إكرام، وبينما هو جالس، أتت زوجة سعيد وأخذت من يده الكأس، تريد أن تملأها له، فأخذ الأخطل ينظر إليها وإلى جمالها، ويتعجب عن سبب زواجها من سعيد التغلبي، وهو على ما هو عليه من القبح، وفي تلك اللحظة نظر سعيد إليه، وقال له: إنك رجل كثير الدخول على الأمراء والملوك والخلفاء، وتعرف أشكالهم، وأكلهم ومشربهم، فكيف ترى هيئتي مقارنة مع هيئتهم؟، وهل ترى عندي عيبًا فتدلني عليه، لعلي أصلحه؟، فقال له الأخطل: والله ما في بيتك عيب غيرك، فقال له سعيد: إني والله أكثر غبائًا منك أيها النصراني، لأني أدخلتك إلى بيتي، ومن ثم طرده، فأنشد الأخطل قائلًا:
أَلا يا اِسلَما عَلى التَقادُمِ وَالبِلى
بِدومَةِ خَبتٍ أَيُّها الطَلَلانِ
فَلَو كُنتُ مَحصوباً بِدومَةَ مُدنَفاً
أُسَقّى بِريقٍ مِن سُعادَ شَفاني
وَكَيفَ يُداويني الطَبيبُ مِنَ الجَوى
وَبَرَّةُ عِندَ الأَعوَرِ اِبنِ بَيانِ
أَيَجعَلُ بَطناً مُنتِنَ الريحِ مُقفِراً
عَلى بَطنِ خَودٍ دائِمِ الخَفَقانِ
يُنَهنِهُني الحُرّاسُ عَنها وَلَيتَني
قَطَعتُ إِلَيها اللَيلَ بِالرَسَفانِ
فَهَلّا زَجَرتَ الطَيرَ لَيلَةَ جِئتَهُ
بِضَيقَةِ بَينَ النَجمِ وَالدَبَرانِ
أَبى القَلبُ أَن يَنسى عَلى ما يَشُفُّهُ
قَواتِلَهُ مِن سالِمٍ وَأَبانِ
إِذا قُلتُ أَنسى ذِكرَهُنَّ تَعَرَّضَت
حَبائِلُ أُخرى مِن بَني الجَلَفانِ
خَليلَيَّ لَيسَ الرَأيُ أَن تَذَراني
بِدَوِّيَّةٍ يَعوي بِها الصَدَيانِ
وَأَرَّقَني مِن بَعدِ ما نِمتُ نَومَةً
وَعَضبٌ جَلَت عَنهُ القُيونُ بِطاني
نبذة عن الشاعر الأخطل
هو غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة بن عمرو بن سيجان بن عمرو، شاعر من قبيلة تغلب، وكان نصرانيًا، ولد في الحيرة، وقام بمدح العديد من الخلفاء الأمويين.