قصة قصيدة ألم تعلمي يا أم ذي الودع أنني
أمّا عن مناسبة قصيدة “ألم تعلمي يا أم ذي الودع أنني” فيروى بأنه في يوم من الأيام خرج رجل يقال له ابن عياش خرج من منطقة يقال لها تيماء، وبينما هو في طريقه رأى عجوزًا على حمار، فسألها من أين هي، فأخبرته بأنّها من قوم عذرة، فسألها إن كانت تروي عن جميل وبثينة شيئًا، فقالت له: نعم والله، ثم قالت: لقد كنا عند ماء من الجناب، وقد ابتعدنا عن الطريق واعتزلنا، خوفًا من الجيوش التي تأتي من الشام تجاه الحجاز، وكان رجال القوم قد خرجوا في سفر، وتركوا عندنا غلمانًا، وفي الليل نزل الغلمان إلى مكان تعودوا على اللعب فيه، وهو قريب منا، وبقيت أنا وبثينة نعمل على غزل لنا.
ثم أكملت قائلة: وبينما نحن على ذلك، إذ نزل إلينا رجل من المنحدر، فخفنا لأننا كنا لوحدنا، فتقدمت ورددت عليه السلام، ونظرت إليه عن قرب لعلي أعرف من هو، وشبهته بجميل، فاقتربت منه لكي أتأكد، وعندما تأكدت، قلت له: أأنت جميل؟، فقال لي: نعم والله، فقلت له: والله إنك قد عرضتنا إلى شر لا نحتاج إليه، وما الذي أحضرك؟، فقال لي: لقد جئت بسبب هذه التي وراءك، وأشار إلى بثينة، وكان يبدو عليه التعب الشديد، فقمت وأحضرت له تمر ولبن، وأعطيته له، فأكل حتى شبع، وعندها أعدت عليه السؤال عن سبب مجيئه، فقال: إني خارج إلى مصر، وجئت لكي أودع بثينة، وأسلم عليها، وأنا في هذا الجبل منذ ثلاثة أيام أنتظر فرصة لكي أنزل وأكلمها، ثم أنشد قائلًا:
أَلَم تَعلَمي يا أُمَّ ذي الوَدعِ أَنَّني
أُضاحِكُ ذِكراكُم وَأَنتِ صَلودُ
فَهَل أَلقَيَن فَرداً بُثَينَةَ لَيلَةً
تَجودُ لَنا مِن وُدِّها وَنَجودُ
وَمَن كانَ في حُبّي بُثَينَةَ يَمتَري
فَبَرقاءُ ذي ضالٍ عَلَيَّ شَهيدُ
ثم أكملت قائلة: ثم جلس وتحدث إلى بثينة لما يزيد عن الساعة، ومن ثم ودعها وانطلق، وبعد ذلك بعدة أيام أتانا نعيه من مصر.
نبذة عن جميل بن معمر
هو جميل بن عبد الله بن معمر العذري القضاعي، لقب بجميل بثينة، من شدة حبه لها، وكثرة الأشعار التي قالها فيها.