قصة قصيدة أما بنوه فلم تنجح شفاعتهم
أمّا عن مناسبة قصيدة “أما بنوه فلم تنجح شفاعتهم” فيروى بأن النوار زوجة الفرزدق هي ابنة عمه، وأباها هو أعين بن ضبيعة المجاشعي، وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قد بعثه إلى البصرة في العراق في أيام الحكمين، وبينما هو هنالك قام الخوارج بقتله، وبعد أن مات والدها قام رجل من قريش بطلبها للزواج، ولكن أهلها كانوا في الشام، فبعثت إلى ابن عمها الفرزدق، لكي يكون وليًا عليها كي يقم بتزويجها من الرجل الذي تقدم لها، فبعث إليها بأنّه يوجد في الشام من هو أقرب لها منه، وبأنه يخاف أن ينكروا عليه فعلته إن وصلهم خبر ذلك، وقال لها بأنّها إن أرادت أن يكون وليًا عليها، فعليها أن تشهد الناس على ذلك، فوقفت بين الناس وأشهدتهم بأنها قد جعلته وليًا عليها.
فخرج الفرزدق أمام الناس وقال لهم: قد أشهدتكم أن ابنة عمي قد جعلت أمرها إلي، وإني أشهدكم أني قد تزوجتها ومهرها مائة ناقة حمراء، فأنكرت عليه فعلته هذه، ولم تقبل بها، وتوجهت إلى عبد الله بن الزبير، وكان يومها واليًا على الحجاز والعراق، ونزلت عند خولة ابنة منظور بن زبان الفزاري زوجة عبد الله بن الزبير، وأخبرتها بما فعل بها الفرزدق، ورققتها لحالها، وسألتها أن تشفع لها عند عبد الله بن الزبير، ، وأمّا الفرزدق فنتوجه إلى حمزة بن عبد الله بن الزبير، وهو ابن خولة، ومدحه، فوعده حمزة أن يشفع له عند أباه، فتكلمت خولة إلى زوجها في أمر النوار، وتكلم حمزة في أمر الفرزدق، فنجحت خولة وخاب حمزة، وأمر عبد الله ابن الزبير أن لا يقرب الفرزدق زوجته حتى يصلا إلى البصرة، ويحتكما عند عامله، فخرج الفرزدق وأنشد قائلًا:
أَمَّا بَنُوهُ فلم تُنْجِحْ شفاعتُهم
وشُفِّعَتْ بِنْتُ مَنْظُورِ بنِ زَبَّانَا
لَيْسَ الشَّفِيعُ الذي يأْتيكَ مُؤْتَزراً
مِثْلَ الشَّفيعِ الذي يَأتيكَ عُرْيَانَا
وماتت النوار في البصرة، وكانت مطلقة منه، وصلى عليها الحسن البصري رحمه الله.
نبذة عن الفرزدق
هو همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي، أحد أشهر الشعراء في العصر الأموي.