قصة قصيدة أمسى بمرو على التوفيق قد صفقت:
أمّا عن مناسبة قصيدة “أمسى بمرو على التوفيق قد صفقت” فيروى بأنه عندما لاحظ الفضل بن يحيى البرمكي في عام مائة وخمس وسبعون للهجرة، وكان ذلك قبل أن وفاة الخليفة العباسي هارون الرشيد، بأن العديد من العباسيين قد طمعوا بأن يتسلموا الخلافة من بعده، وكان كل ذلك بسبب أنه ليس هنالك من ولي عهد له، ولكي يمنع الفتنة قام الفضل بن يحيى بالإجماع على مبايعة محمد بن هارون الرشيد، وقرر أن يقنع الناس على مبايعته أيضًا.
ومن ثم توجه الفضل بن يحيى إلى خراسان، وعندما وصل إليها قام بتوزيع الأموال على أهلها، وقام بإعطاء جندها أعطيات متتابعات، ومن بعدها أظهر لهم نيته على مبايعة محمد بن هارون الرشيد، فبايعه أهلها، وسماه الأمين، وفي خبر ذلك أنشد النميري قائلًا:
أمسى بمرو على التوفيق قد صفَقت
على يد الفضل أيدي العُجم والعرب
بيعة لولي العهد أحكمها
بالنصح منه وبالإشفاق والحدب
قد وكَّد الفضل عقدًا لا انتقاض له
لمصطفًى من بني العباس مُنتخب
وعندما وصل خبر ذلك إلى الخليفة هارون الرشيد، وبايع له أهل خراسان، فقام ببعث رسله إلى جميع الأقطار، لكي يبايعوه على تولي ابنه محمد الخلافة من بعده، فبايعه على ذلك جميع من بعث إليهم، وفي خبر ذلك يقول أبان اللاحقي:
عزمتَ أمير المؤمنين على الرشد
برأى هدًى فالحمد لله ذي الحمد
وفي عام مائة وخمسة وسبعون للهجرة بايع الخليفة هارون الرشيد ابنه الأمين على أن يكون الخليفة من بعده، وبايعه على ذلك الناس، فوزع عليهم العطايا، وأجزل على قادة الجند، وأخرج الأمين إلى القادة، لكي يخطب فيهم، فوقف أمامهم، وحمد الله وصلى على النبي، وبدأ بالكلام، وعندما انتهى قام أحدهم، وقال لهم: لا يغرنكم أنه صغير في السن، فهي شجرة مباركة أصلها ثابت وفرعها في السماء.
نبذة عن الشاعر النمري:
هو أبو الفضل منصور بن سلمة بن الزبرقان النمري، واحد من شعراء العصر العباسي الأول، ولد في الشام في سوريا، ونشأ فيها، وكان يمدح هارون الرشيد، وكان الرشيد يصله، ويجزل عليه في العطايا.
يعتبر واحدًا من الشعراء المجددين في العصر العباسي، توفي في عام مائة وتسعون للهجرة.