قصة قصيدة أمن آل مية رائح أو مغتد
أمّا عن مناسبة قصيدة “أمن آل مية رائح أو مغتد” فيروى بأن النابغة الذبياني في يوم من الأيام رأى زوجة النعمان بن المنذر، وهي ماريا بنت المنذر الأسود، في قصر من قصوره، ويدعى قصر الخورنق، وقام ببناء هذا القصر رجل يقال له سنمار، وقد كانت ماريا امرأة فائقة الجمال، ومن شدة جمالها، كانت متزوجة حينما رآها الملك لأول مرة، فاحتال على زوجها لكي يطلقها وبالفعل قام بتطليقها، وتزوج منها النعمان بعد ذلك، وعندما رآها النابغة الذبياني، أنشد فيها قائلًا:
أَمِن آلِ مَيَّةَ رائِحٌ أَو مُغتَدِ
عَجلانَ ذا زادٍ وَغَيرَ مُزَوَّدِ
أَفِدَ التَرَجُّلُ غَيرَ أَنَّ رِكابَنا
لَمّا تَزُل بِرِحالِنا وَكَأَن قَدِ
زَعَمَ البَوارِحُ أَنَّ رِحلَتَنا غَداً
وَبِذاكَ خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسوَدُ
لا مَرحَباً بِغَدٍ وَلا أَهلاً بِهِ
إِن كانَ تَفريقُ الأَحِبَّةِ في غَدِ
حانَ الرَحيلُ وَلَم تُوَدِّع مَهدَداً
وَالصُبحُ وَالإِمساءُ مِنها مَوعِدي
في إِثرِ غانِيَةٍ رَمَتكَ بِسَهمِها
فَأَصابَ قَلبَكَ غَيرَ أَن لَم تُقصِدِ
غَنيَت بِذَلِكَ إِذ هُمُ لَكَ جيرَةٌ
مِنها بِعَطفِ رِسالَةٍ وَتَوَدُّدِ
وَلَقَد أَصابَت قَلبَهُ مِن حُبِّها
عَن ظَهرِ مِرنانٍ بِسَهمٍ مُصرَدِ
نَظَرَت بِمُقلَةِ شادِنٍ مُتَرَبِّبٍ
أَحوى أَحَمِّ المُقلَتَينِ مُقَلَّدِ
وَالنَظمُ في سِلكٍ يُزَيَّنُ نَحرَها
ذَهَبٌ تَوَقَّدُ كَالشِهابِ الموقَدِ
وفي يوم من الأيام رآها رجل يقال له المنخل اليشكري في نفس القصر، ومن شدة جمالها وتعلقه بها، أنشج فيها قصيدة، قال فيها:
إِن كُنتِ عاذِلَتي فَسيري
نَحوَ العِرقِ وَلا تَحوري
لا تَسأَلي عَن جُلِّ ما
لي وَاِنظُري كَرَمي وَخيري
وَفَوارِسٍ كَأُوارِ حَررِ
النارِ أَحلاسِ الذُكورِ
شَدّوا دَوابِرَ بَيضِهِم
في كُلِّ مُحكَمَةِ القَتيرِ
وَاِستَلأَموا وَتَلَبَّبوا
إِنَّ التَلَبُّبَ لِلمُغيرِ
وَعَلى الجِيادِ المُضمَراتِ
فَوارِسٌ مِثلُ الصُقورِ
يَعكُفنَ مِثلَ أَساوِدِ الــتَنّومِ
لَم تَعكَف بِزورِ
يَخرُجنَ مِن خَلَلِ الــغُبارِ
يَجِفنَ بِالنَعَمِ الكَثيرِ
أَقَرَرتُ عَيني مِن أُلَــئِكَ
فَوائِحِ بِالعَبيرِ
نبذة عن النابغة الذبياني
هو زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان، من الشعراء الكبراء في الجاهلية، وهو من أصحاب المعلقات، توفي في نجد في الجزيرة العربية عام ثمانية عشر قبل الهجرة.