التعريف بالشاعر أبو ذؤيب الهذلي:
التعريف بشاعر هذه القصيدة: فهو خويلد بن خالد الهذلي يكنى بأبي ذؤيب؛ نسبة إِلى والده، يعدّ من شعراء العصر الإسلامي فقد أسلم في عهد – الرسول صلى الله عليه وسلم – وجاهد في سبيل الله، توفي في سنة 27 للهجرة في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
سرد قصة ” أمن المنون وريبها تتوجع “:
مناسبة قصيدة ” أمن المنون وريبها تتوجع ” عندما خرج أبو ذؤيب للجهاد في سبيل الله وكان معه أولاده الخمسة متهيئين لفتح بلاد إفريقياء بقيادة عبدالله بن أبي السرح ثم عادوا منتصرين، في الطريق انتشر الطاعون وأخذ أولاد أبو ذؤيب الخمسة ورجع حزينًا متحسرًا ومتألمًا على أولاده.
هذه القصيدة التي كتبها رثاءً لأولاده الخمسة فيها صرخة إنسانية تعبر عن صدق العاطفة والمعاني الفطرية والعفوية بعيدةً عن التكليف والصنعة فقد صور الشاعر قلبه بصورة الصخرة التي تقرع يوم بعد يوم وهذا يدل على تعاقب الأحداث على نفسه وأيضاً هذه القصيدة تكشف عن مشاعره الدقيقة في وضوح وجلاء.
هذه القصيدة التي كتبها عندما عاد منتصرًا حزينًا مستسلمًا للشعر يبثه أشجانه وعاطفه فكانت لهذه القصيدة شهرةً في الأدب العربي، قائلاً:
أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ؟
وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً
مُنذُ اِبتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعاً
إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ
أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ فَوَدَّعوا
أَودى بَنِيَّ وَأَعقَبوني غُصَّةً
بَعدَ الرُقادِ وَعَبرَةً لا تُقلِعُ
فَغَبَرتُ بَعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ
وَإَخالُ أَنّي لاحِقٌ مُستَتبَعُ
وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ
فَإِذا المَنِيِّةُ أَقبَلَت لا تُدفَعُ
وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها
أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ
وَتَجَلُّدي لِلشامِتينَ أُريهِمُ
أَنّي لَرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ
حَتّى كَأَنّي لِلحَوادِثِ مَروَةٌ
بِصَفا المُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ
لا بُدَّ مِن تَلَفٍ مُقيمٍ فَاِنتَظِر
أَبِأَرضِ قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ
وَلَقَد أَرى أَنَّ البُكاءَ سَفاهَةٌ
وَلَسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ
وَالنَفسُ راغِبِةٌ إِذا رَغَّبتَها
فَإِذا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقنَعُ
كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمُ الهَوى
باتوا بِعَيشٍ ناعِمٍ فَتَصَدَّعوا
فَلَئِن بِهِم فَجَعَ الزَمانُ وَرَيبُهُ
إِنّي بِأَهلِ مَوَدَّتي لَمُفَجَّعُ