قصة قصيدة أنظر إلى السحر يجري في لواحظه
أمّا عن مناسبة قصيدة “أنظر إلى السحر يجري في لواحظه” فيروى بأن النحوي أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة في يوم من الأيام قرر زيارة صديق له يقال له محمد بن داود الأصبهاني، حيث كان يومها مريضًا بالمرض الذي مات فيه، فخرج من بيته وتوجه إلى بيت ابن داود، وعندما وصل إلى بيته، درق على الباب، فأجابه أحد أهل البيت، وأدخله إلى مجلس ابن داود، فدخل ورد عليه السلام، فرد عليه محمد سلامه، وطلب منه الجلوس.
وبينما هما جالسان يتحدثان، قال أبو عبد الله لابن داود: كيف أصبحت؟، فقال له ابن داود: حب من تعلم أحدث بي ما ترى، فقال له أبو عبد الله: وما الذي منعك من أن تستمتع به ما دمت قادرًا على ذلك؟، فقال له ابن داود: إن للاستمتاع وجهين، أولهما هو النظر المباح، وأما الآخر فهي ما حرم الله تعالى، وأما النظر المباح فهو ما أوصلني إلى ما أنا فيه، وأما ما حرم الله تعالى فقد منعني عنه ما حدثني به أبي، حينما قال لي: أن من صبر على الحب، وعف نفسه عما حرم الله تعالى فإن له الجنة إن شاء الله، ومن ثم أخذ ينشد قائلًا:
أنظر إلى السحر يجري في لواحظه
وانظر إلى دعجٍ في طرفه الساجي
وانظر إلى شعراتٍ فوق عارضه
كأنهم نمالٌ دب في عاج
وأنشد أيضًا قائلًا:
ما لهم أنكروا سواداً بخديه
ولا ينكرون ورد الغصون
إن يكن عيب خده بدد الشعر
فعيب العيون شعر الجفون
ومن ثم قال: فصبرت، وعققت نفسي عما حرم الله تعالى، لعلي أكون من أهل الجنة، فقال له أبو عبد الله: إنك قد نفيت القياس في الفقه، ولكنك أثبته في شعرك، فقال له ابن داود: والله ما جعلني أفعل ذلك إلا غلبة العشق، وملكة النفوس، اللتين دعتا إليه، وأكمل الاثنان جلستهما، وعندما انتهيا خرج أبو عبد الله، وتوجه عائدًا إلى بيته، وفي اليوم التالي وصله أن ابن داود قد مات.
نبذة عن ابن داود الظاهري
هو أبو بكر محمد بن داود بن علي بن خلف الظاهري، وهو أديب وشاعر ومناظر، وكان ذكيًا، فقيل عنه بأنه من أذكياء العالم.