نبذة عن مالك بن دينار:
هو أبو يحيى مالك بن دينار البصري، أحد كبار التابعين، ولد في الكوفة وتوفي فيها.
قصة قصيدة أيها العبد العاصي عد إلى مولاك:
أمّا عن مناسبة قصيدة “أيها العبد العاصي عد إلى مولاك ” فيروى بأنّ مالك بن دينار كان في بداية حياته رجلًا عاصيًا سكيرًا، فقد كان يشتهر بأنّه يظلم الناس ويأكل حقوقهم، كما وكان يأكل الربا، ولا يترك فرصة لكي يظلم أحدًا إلا ويغتنمها، فلم يترك أي من المحرمات لم يفعله، وبسبب ذلك كان الناس يتجنبونه، وفي يوم من الأيام تزوج، وأتته ابنة سماها فاطمة، وقد أحب ابنته حبًا عظيمًا، وكان كلما كبرت فاطمة ازداد إيمانه، وقلت معصيته، حتى أتى يوم وكان عمرها ثلاثة أعوام، وعندها ماتت ابنته، فانقلب إلى أسوأ ممّا كان عليه من قبل أن تأتيه فاطمة.
وفي يوم أتاه الشيطان، وقال له: لسوف تسكرن اليوم سكرة لم تسكر مثلها من قبل، فأخذ مالك يشرب الخمر طوال الليل الكأس تلو الأخرى، وعندما نام رأى بأنه في يوم القيامة، وكانت الشمس في ذلك اليوم مظلمة، وتحولت مياه البحار إلى نيران، وجمع الناس للحساب، وهو بينهم، وكان يسمع المنادي ينادي فلان بن فلان، هلم لكي تعرض على الجبار، فيعرضون الواحد تلو الآخر، وكان منهم من يصبح وجهه شديد السواد من الخوف، ومنهم من كان وجهه مضيئًا.
وفجأة نادى المنادي عليه، وقال له: هلم لكي تعرض على الجبار، فلم يبقى حلوه أحد، واختفوا جميعًا، ومن ثم رأى أفعى عملاقة تتوجه باتجاهه وهي فاتحة فمها، فهرب منها من شدة خوفه، وإذ هو برجل كبير في العمر وهو هزيل، فقال له مالك: احمني من هذه الأفعى، فقال له الرجل: والله لو استطعت لساعدتك، ولكنّي كما تراني رجل ضعيف، عليك أن تركض بهذا الاتجاه لعلك تنجو منه، فأكمل مالك يركض بالاتجاه الذي وصفه له الرجل العجوز، والأفعى من خلفه، ولكنه وجد النار أمامه، فلم يعرف ماذا يفعل، فعاد راكضًا إلى الرجل، وقال له: بالله عليك أن تساعدني، فبكى الرجل وقال له: والله لا يوجد بيدي حيلة، ولكن عليك أن تهرب من هذا الاتجاه.
وعندها هرب مالك إلى الاتجاه الذي أخبره به، وإذ بجبل أمامه، فصعد إليه، وعندما وصل إلى قمته، وجد أطفالًا يصيحون: يا فاطمه الحقي بأبيك، فعلم بأنّها ابنته، فقامت ودفعت الأفعى بيدها، وأمسكته بيدها الأخرى، وأجلسته وجلست هي في حجره، وقالت له: يا أبي، ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله، فقال لها: أخبريني عن هذه الأفعى؟، فقالت له: هي عملك السيء كبر ونما حتى كاد أن يأكلك، فقال لها: ومن ذلك الرجل الهزيل؟، فقالت له: هو عملك الصالح، وأنت أضعفته حتى بكى، فاستيقظ مرعوبًا وهو يصرخ: قد آن، قد آن، واغتسل وخرج يصلي الفجر، ومن بعدها تاب، وكان يقف كل يوم أمام المسجد، ويقول:
أيها العبد العاصي عد إلى مولاك
أيها العبد الغافل عد إلى مولاك
أيها العبد الهارب عد إلى مولاك