قصة قصيدة إذا أنا لم أقبل من الدهر كل ما

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة إذا أنا لم أقبل من الدهر كل ما

أمّا عن مناسبة قصيدة “إذا أنا لم أقبل من الدهر كل ما” فيروى بأن أبا العتاهية قد قرر أن يترك الشعر، وعندما تركه حاول معه العديد من الناس لكي يرجع ويقوله، وكان من بينهم الخليفة هارون الرشيد، ولكن أبو العتاهية أصر على أن لا عودة عن قراره، فأمر الخليفة بأن يضعوه في السجن، فجروه إلى السجن، ووضعوه فيه، وغلقوا عليه الأبواب، وهو مندهش مما يحصل له، وبينما هو جالس في السجن رأى رجلًا في الجانب الآخر، وكان هذا الرجل مقيدًا، فأخذ أبو العتاهية ينظر إليه لمدة من الزمن، وبينما هو ينظر إليه، أخ الرجل ينشد قائلًا:

تَعَـوَّدتُ مُـرَّ الصَّبْرِ حتَّىٰ أَلِفْتُـهُ
فَأسْلَمَني حُسْـنُ العـزَاءِ إلىٰ الصبرِ

وَصَيَّرَنِي يَـأسِي مِـنَ النَّـاسِ رَاجِيَـاً
لحُسنِ صَنِيعِ اللَّـهِ مِـنْ حَيْثُ لَا أدري

فقال له أبو العتاهية: أعد ما قلت يا أخي أعز الله قدرك، فقال له الرجل: ويحك يا أبو العتاهية، ما أصغر عقلك، وأقل أدبك، دخلت إلى الغرفة التي أنا بها، فلم ترد السلام، كما يرده المسلم على المسلم، ولا سألتني كما يسأل الرجل الحر، ولا تألمت تألم المبتلى للمبتلى، ولكنك عندما سمعت بيتين من الشعر الذي لا يوجد فيك فضيلة من دونه، لم تستطع أن تصبر إلا أن تسمعهما مرة أخرى، ولم تقدم أي عذر لنفسك لكي تطلبهما، فقال له أبو العتاهية: يا أخي، والله ما دفعني إلى سؤالك سوى الدهشة مما أنا فيه، فلا تلمني، فقال له الرجل: أنا أحق بالدهشة أكثر منك، لأن حبست لكي تقول الشعر، وإن قلته قاموا بإخراجك.

وأكمل الرجل قائلًا: وأنا قاموا بوضعي بالسجن لأني لم أدلهم على مكان عيسى بن زيد بن علي بن الحسين، وإن لم أدلهم على مكانه، فإنهم سوف يقومون بقتلي بدلًا منه، ووالله لن أخبرهم بمكانه أبدًا، فكما ترى فإني أولى بالحيرة منك، وبعد لحظات سوف ينادون علي لكي يقتلوني، فمن أحق بالدهشة؟، فقال له أبو العتاهية: أنت والله، فقال له الرجل: ولن أبخل عليك في البيتين، وأعادهما عليه حتى حفظهما، وأجازهما أبو العتاهية بقوله:

إذَا أنَـا لَـمْ أَقْبَـلْ مِنَ الدَّهْـرِ كُلَّ مَـا
تَكَرَّهْتُ مِنْـهُ طَالَ عَتْبِي عَلىٰ الدَّهْـرِ

ثم سأله عن اسمه، فقال له: اسمي أبو حاضرة، وبعد لحظات فتح باب السجن، فدخل الحراس وأخرجوهما، وأخذوهما إلى الخليفة، فتقدم أبو حاضرة قبل أبو العتاهية، وسأله الخليفة عن مكان أحمد بن عيسى، فلم يقبل أن يدله عليه، فأمر به، فضربوا له عنقه، ومن ثم تقدم أبو العتاهية، ورفض هو الآخر أن يقول الشر، فأمر الخليفة بأن يعيدوه إلى السجن، فأعادوه.

نبذة عن أبو العتاهية

هو إسماعيل بن القاسم بن سويد العنزي، من شعراء العصر العباسي، ولد في الكوفة في العراق، وتوفي في بغداد، اتصل بالعديد من الخلفاء العباسيون كهارون الرشيد والمهدي والهادي.


شارك المقالة: