قصة قصيدة إذا كان الكريم له حجاب

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة إذا كان الكريم له حجاب

أمّا عن مناسبة قصيدة “إذا كان الكريم له حجاب” فيروى بأنه في يوم من الأيام سمع الأصمعي عن كرم رجل من أهل المدينة، فقرر أن يزوره لكي يرى مدى كرمه، فتوجه إلى بيته وطرق عليه بابه، فخرج الرجل ورحب به، وأدخله إلى بيته، وأكرمه خير إكرام، وتصادق الاثنان، وأصبح الأصمعي يزوره بشكل متكرر، وفي يوم من الأيام زاره، فوجده قد أغلق باب بيته، ولم يعد يستقبل أحدًا، فأخذ ورقة وكتب عليها بيتًا من الشعر، قال فيه:

إذا كان الكريمُ له حجابٌ
فما فضلُ الكريمِ على اللئيمِ

وبعث بها إليه، ووقف على الباب ينتظر من الرجل جوابًا، حتى أعاد الرجل الورقة ومكتوب على ظهرها بيتًا من الشعر، وهو:

إذا كان الكريمُ قليلَ مالٍ
تستّرَ بالحجابِ عن الغريمِ

وكان قد بعث مع الورقة صرة فيها خمسمائة دينار، فقال الأصمعي في نفسه: والله لأخبر أمير المؤمنين بقصة هذا الرجل، وتوجه إلى قصره، واستأذن للدخول إلى مجلسه، وحينما أذن له، ودخل عليه، وقف بين يديه، وسلم عليه، فرد أمير المؤمنين عليه سلامه، وأمره بالجلوس، فجلس الأصمعي وقص على الخليفة قصة الرجل، ووضع بين يديه الورقة وصرة النقود.

فتأمل الخليفة الورقة وصرة النقود، وقال: إن هذه الصرة مختومة بختم بيت مال المسلمين، أريدك أن تذهب وتحضر لي الرجل الذي أعطاك إياها، فقال له الأصمعي: يا مولاي، لقد أولاني هذا الرجل خيرًا، فكيف تريدني أن أوشي به إليك، فقال له الخليفة: لا بد من ذلك، فقال له الأصمعي: وهل عليه الأمان يا مولاي؟، فقال له الخليفة: عليه الأمان، فأخبره الأصمعي بمكان الرجل، فبعث الخليفة رجاله إلى الرجل، وقاموا بإحضاره، وأدخلوه إلى مجلس الخليفة.

وعندما دخل الرجل إلى الخليفة ووقف بين يديه، تأمله الخليفة وقال له: ألست أنت من أوقفت موكبي في الأمس، وشكوت لي فقرك، وسوء حالتك، وكثرة أبنائك؟، فقال له الرجل: نعم يا مولاي، فقال له الخليفة: أولم أأمر لك بخمسمائة دينار؟، فقال له الرجل: نعم يا مولاي، لقد فعلت، وإنها هي التي بين يديك، فقال له الخليفة: ولم أعطيتها للأصمعي، بسبب بيت واحد من الشعر، فقال له الرجل: والله يا مولاي إني قد استحييت أن أرده خائبًا، وهو قد قصدني، فقال له الخليفة: لله درك، ما أكرمك، وأمر له بألف دينار.

نبذة عن الأصمعي

هو عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع الباهلي، وهو من رواة العرب، عالم باللغة والشعر والبلدان.


شارك المقالة: