قصة قصيدة إذا ما شئت أن تصنع
أمّا عن مناسبة قصيدة “إذا ما شئت أن تصنع” فيروى بأن الأصمعي دخل في يوم من الأيام إلى مجلس الفضل بن ربيع، وعندما دخل إلى المجلس وجد العباس بن الأحنف عنده في المجلس، فرد الأصمعي السلام وجلس، وعندما جلس الأصمعي، التفت العباس إلى الفضل ، وقال له: أريد أن أطلب منك شيئًا، فقال له الفضل: هات ما عندك، فقال له العباس: أريدك أن تسمح لي أن أعبث مع الأصمعي، فقال له الفضل: لا توجد عندي مشكلة في ذلك، ولكن أنصحك بأن لا تفعل ذلك، فإن المزاح ليس من شأنه، فقال له العباس: إن رأيت أيها الأمير أن أفعل ذلك، فقال له الفضل: حسنًا لك ذلك، فالتفت العباس إلى الأصمعي، وقال له: يا أبا سعيد من الذي قال:
إِذا ما شِئتَ أَن تَصنَعَ
شَيئاً يُعجِبُ الناسا
وَتَدري كَيفَ مَعشوقٌ
تَحَسّى في الهَوى كاسا
فَصَوِّر هاهُنا فَوزاً
وَصَوِّر ثَمَّ عَبّاسا
وَقِس بَينَهُما شِبراً
فَإِن زِدتَ فَلا باسا
فَإِن لَم يَدنوا حَتّى
تَرى رَأسَيهِما راسا
فَكَذِّبها بِما قاسَت
وَكَذِّبهُ بِما قاسى
وكان بجانب الأصمعي رجلًا يقال له ابن أبي السعلاء، فالتفت إليه، وقال له: إن العباس بن الأحنف يريد أن يعبث معك، فالتفت الأصمعي إلى العباس، وقال له: والله إني لا أعرف من الذي قال ذلك، ولكني أعرف من قال:
إذا أحببت أن تبـصر
شيئاً يعجب الخلقا
فصورها هنا زوراً
وصور ههنا فلقـا
فإن لم يدنوا حـتـى
ترى خلقيهما خلقـا
فكذبها بمـا لاقـت
وكذبه بما يلـقـى
فعرف العباس بأن الأصمعي قد غلبه، وأخذ الفضل بن ربيع يضحك، فتغير لون وجه العباس، ووجم، فالتفت إليه الفض، وقال له: والله إني قد نصحتك بأن لا تفعل ذلك، ولكن رفضت وأصررت على أن تفعلها.
نبذة عن العباس بن الأحنف
هو العباس بن الأحنف بن الأسود بن طلحة بن حدان بن كلدة بن جذيم بن شهاب بن سالم بن حية بن كليب بن عبد الله بن عدي بن حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، وهو أحد شعراء العصر العباسي، ولد في نجد في شبه الجزيرة العربية، وتوفي في بغداد في العراق.