قصة قصيدة إذا نوبة نابت صديقك فاغتنم:
أمّا عن مناسبة قصيدة “إذا نوبة نابت صديقك فاغتنم” فيروى بأنه في يوم من الأيام قرر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور أن يولي أمر أذربيجان إلى معن بن زائدة، وبعث إليه بقراره، فتوجه معن بن زائدة إلى هنالك وتسلمها، وفي يوم وبينما هو في مجلسه أتاه قوم من أهل الكوفة، ووقفوا على بابه، واستأذنوا للدخول إلى إليه، فدخل إليه أحد خدمه، وقال له: يا مولاي، إن على الباب وفد من أهل العراق، فقال له معن: من اين في العراق، فقال له: من الكوفة، فقال له: اخرج وأدخلهم، فخرج وأدخلهم إلى مجلس معن، ووقفوا بين يديه، وعندما نظر إليهم، ورأى حالتهم، وهو جالس على كرسيه، أنشد قائلًا:
إذا نوبةٌ نابت صديقك فاغتنم
سمرتها فالدهر بالناس قلبُ
فأحسن ثوبيك الذي هو لابس
وأفره مهريك الذي هو يركبُ
وبادر بمعروف إذا كنت قادرًا
زوال اقتدار أو غنى عنك يعقبُ
فخرج رجل من وسط القوم، وقال له: أصلحك الله أيها الأمير، هل يمكن أن أنشدك سعرًا أفضل من هذا، فقال له معن بن زائدة: ولمن يكون هذا الشعر، فقال له: لابن عم لك يقال له ابن هرمة، فقال له معن: أنشد، فأنشد الرجل قائلًا:
وللنفس تاراتٌ بها تبخل العدى
وتسخو عن المال النفوس الشحائحُ
إذا المرء لم ينفعك حيًّا فنفعه
أقلُّ إذا ضمت عليه الصفائحُ
لأية حال يمنع المرء ماله
غدا فعدا والموت غادٍ ورائحُ
فقال له معن: والله إنك قد أحسنت، حتى وإن لم تكن أنت من قلت هذا الشعر، ثم أمر خادمه أن يعطيهم أربعة آلآف درهم، وقال لهم: خذوها لعلها تعينكم على أموركم، فقال له الرجل الذي أنشده الشعر: اجعلها دنانير يا مولاي، فقال له معن: والله إنك لست بأكرم مني، وقال لخادمه: صفرها لهم، أي اجعلها ذهبًا، فأخذوها وشكروه وخرجوا عائدين إلى الكوفة.
نبذة عن معن بن زائدة:
هو معن بن زائدة بن عبد الله بن مطر بن شريك بن عمرو بن قيس بن شراحيـل بن مرة بن همام بن مرة، وهو أحد أمراء العصر العباسي، واشتهر بكرمه.