قصة قصيدة إلى الله أشكو بخلها وسماحتي

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة إلى الله أشكو بخلها وسماحتي:

أمّا عن مناسبة قصيدة “إلى الله أشكو بخلها وسماحتي” فيروى بأن أبا إسماعيل بن جامع كان معارضًا لغنائه، وكان يضيق عليه، فهرب من بيته، وتوجه نحو ديار أخواله في اليمن، وعاش عندهم، حيث أنزلوه في غرفة عندهم، وكانت هذه الغرفة مطلة على بستان في وسطه نهر، وفي يوم من الأيام وبينما هو جالس وينظر من الشباك نحو ذلك البستان، إذ بفتاة سوداء تحمل قربة الماء، وتتوجه نحو النهر، فجلست بجانبه، ووضعت فربتها، وأخذت تنشد قصيدة إبراهيم بن المهدي، قائلة:

إلى الله أشكو بخلها وسماحتي
لها عسلٌ مني وتبذلُ علقما

فردي مصابَ القلبِ أنتِ سلبتهِ
ولا تتركيهِ ذاهلَ القلبِ مغرَما

إلى اللَه أشكو أنها أجنبيةٌ
وإني لها ما عشتُ وداً محرما

وبدأت الفتاة في البكاء، فأعجب أبو إسماعيل بما سمع منها، وتمنى لو أنها تعيده، ولكنها لم تفعل، وأمسكت بقربة الماء، وملأتها بالماء، ونهضت وغادرت، فنزل يركض خلفها، حتى أدركها، ونادى عليها، وحينما توقفت، قال لها: بالله عليك أن تعيدي غناء ما غنيتي عند النهر، فقالت له الفتاة: إنني مشغولة ولا أستطيع ذلك، فقال لها: بماذا فقالت: إنّ عليّ خراج كل يوم درهمين، فمد يده إلى جيبه، وأخرج درهمين، وأعطاهما لها، فغنت حتى حفظ إسماعيل اللحن، ثم غادرت، وتوجه هو عائد إلى بيته.

وفي ذلك اليوم شغل أبو إسماعيل، ولم يغني اللحن، وفي صباح اليوم التالي كان قد نسيه، وبينما هو جالس أمام بيته يحاول أن يتذكره، وإذ بالفتاة تعود إلى النهر، فنزل إليها، وحلفها أن تعيده عليه، ولكنها لم تقبل إلا إذا دفع لها درهمان، فأعطاها، وأعادت عليه ما غنت في البارحة، فحفظه، وقال لها كفى، فقالت له الجارية: لقد دفعت على هذا اللحن أربعة دراهم، وكأنّك سوف تجني منه أربعة آلاف دينار.

وفي يوم من الأيام وبينما كان يغني عند الخليفة هارون الرشيد، وكان في يد الرشيد أكياس، كل كيس منهن يحوي ألف دينار، وبينما هم جالسون، قال هارون الرشيد لأبي إسماعيل: أطربني، فأخذ أبو إسماعيل يغني لحن الفتاة، فرمى له الخليفة بكيس من الأكياس، وقال له: أعد، فأعاد، فرمى له بكيس آخر، ثم قال له: أعد، فأعاد، فرمى إليه بكيس ثالث، فضحك أبو إسماعيل، فسأله الخليفة عن سبب ضحكه، فأخبره بخبر ما حصل له مع الفتاة، فرمى له الخليفة بكيس رابع، وقال له: لكي لا نكذب قول الفتاة، فرجع من عنده بأربعة آلاف دينار.

نبذة عن إبراهيم بن المهدي:

هو إبراهيم بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور العباسي الهاشمي، من شعراء العصر العباسي، ولد في بغداد ونشأ فيها.


شارك المقالة: