قصة قصيدة إني رأيت أبي هودا يؤرقه:
أما عن مناسبة قصيدة “إني رأيت أبي هودا يؤرقه” فيروى بأنّ نبي الله هود عليه الصلاة والسلام، جلس مع أبنائه، وقال لهم: إنّي أوصيكم بأن تتقوا الله وتطيعوه، وأن تقروا بوحدانيته، وإني أحذركم يا أبنائي من الدنيا فإنها سوف تغركم وتخدعكم، ولن تدوم عليكم، ولا أنتم سوف تخلدون فيها، يا أبنائي عليكم بتقوى الله، الذي إليه سوف ترجعون، وعليكم بالحذر من الشيطان فإنّه عدو لكم إلى يوم الدين.
ثم ذهب إلى قومه عاد، وأوصاهم بما أوصى به أبنائه، وبقي على هذه الحال مدة من الزمن، وهو ينحهم ويعظهم، ولكنّهم بقوا رافضين لدعوته، وهم يقولون له: إنك لم تأتنا ببينة، ولن نقوم بتغيير آلهتنا، ولن نؤمن بربك، وقالوا له: من أشد من قوة؟، فأهلكهم الله سبحانه وتعالى بريح صرصر، بقيت لثمانية أيام، حتى أهلكوا جميعهم.
وعندما هلك قوم عاد، حزن هود عليهم حزنًا شديدًا، وأصابه اكتئاب، وكان ابنه قحطان معه، فأنشده شعرًا يخفف عليه به ما أصابه من حزن عليهم، فقال:
إني رأيت أبي هودا يؤرقه
حزن دخيل وبلبال وتسهاد
لا يحزنك إنْ خصة بدهية
عاد بن عوص فعاد بئس ما عادوا
عاد عصوا ربهم واستكبروا وعتوا
عما نهوا لا سادوا ولا قادوا
بعدا لعاد فما أوهى حلومهم
في كل ما ابتدوا وكل ما اعتادوا
قاموا يردون عنهم سفاهتهم
ريحا بها أهلكوا أيان ما بادوا
إلاّ يظنون إنَّ الله غالبهم
وإنَّ كلا لأمر الله منقاد
يا ليت شعري وليت الطير تخبرني
أسالم لي لقمان وشداد
نبذة عن قحطان:
هو قحطان أو يقطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، ويقال بأنه هو جد العرب القحطانيون، وينسب إليه ما يقارب نصف القبائل العربية، ومن ينسب إليه من العرب يقال له العرب العاربة أو القحطانيون.
ومن ما أوصى به قحطان أبنائه بأنه قال لهم في يوم:
وواصلْ ذوي القُربى وحطهُمْ فإنَّهم
ملاذُكَ إن حامتْ عليكَ البواهظُ
ولفظُك عرِّبهُ بأحسنِ منطقٍ
فإنكَ مرهونٌ بما أنت لافظُ
وكُنْ كاتماً للغيظِ في كُلِّ بدوةٍ
إذا أُسِخطتْ تلك العيونُ الجواحظُ
بغيضٌ على الأعداء سراً وجهرةً
بحِلمِكَ ها تلك النفوس الغوائظُ