قصة قصيدة إن ذكر الحبيب هيج قلبي
أمّا عن مناسبة قصيدة “إن ذكر الحبيب هيج قلبي” فيروى بأنه في يوم من الأيام كان رجل يقال له ذو النون المصري مع رجل يقال له سالم على جبل يقال له جبل لبنان، وبينما هما على الجبل قال ذو النون لسالم: انتظرني هنا حتى أعود إليك، ومن ثم غادر، وبقي سالم ينتظر ثلاثة أيام وهو على الجبل، وفي هذه الأيام كان يأكل من نبات الأرض، وبعد الثلاثة أيام عاد ذو النون، ولون وجهه متغير، وعقله ذاهب، فقال له سالم: هل لقيك السبع في الطريق يا أبا الفيض، فقال له ذو النون: لا والله، ولكني دخت إلى كهف من كهوف هذا الجبل، ورأيت فيه رجلًا، شعر رأسه ولحيته أبيض، وهو أشعث أغبر، جسده نحيل، كأنه قد خرج من قبره، فسلمت عليه، فرد السلام علي، وقال لي: حان وقت الصلاة، فقام وصلى، وبقي يصلي حتى أتى موعد صلاة العصر، فصلاها، ومن ثم استند إلى صخرة من صخور الكهف.
ومن ثم أكمل ذو النون قائلًا: ومن بعد أن صلى وجلس، لم يكلمني، فقلت له: أوصني بما أنتفع به، فقال لي: يا بني، من بقي قريبًا من ربه، أعطاه الله أربعة شمائل: أولها يعطيه عزًا من غير أن يكون له عشيرة، وثانيها بأنه يعطيه علمًا من دون أن يتعلم، وثالثها بأنه يغنيه من دون أن يكون عنده مال، ورابعها بأنه يؤنسه وإن لم يكن معه جماعة، ومن ثم شهق شقة، وأغمي عليه لثلاثة أيام، وعندما أفاق قام وتوضأ، وسألني عما فاته من صلاة، فأخبرته، فقام وصلاها، ومن ثم أنشد قائلًا:
إن ذكر الحبيب هيّج قلبي
ثم حب الحبيب أذهل عقلي
ومن ثم قال: لقد استوحشت من الجلوس مع المخلوقين، وأنست بالقرب من الله تعالى، فغادر من عندي بسلام، فقلت له: لقد بقيت بجانبك لثلاثة أيام، فزدني من علمك، فقال لي: أحب ربك ولا تحب سواه، ولا تقبل لحبه بديلًا، فإن من يحبه هو تاج العباد، وهو من أصفياءه وأحباءه، ومن ثم صرخ صرخة ومات من فوره.
حالة الشاعر
كانت حالة الشاعر عندما ألقى هذه القصيدة عشق الله سبحانه تعالى وحده، وذهاب عقله بسبب هذا العشق.