قصة قصيدة إن كنت كاذبة الذي حدثتني
أمّا عن منسبة قصيدة “إن كنت كاذبة الذي حدثتني” فيروى بأن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي، وهو أخو أبو جهل، كان من كبار كفار قريش ومن أكثرهم عزًا ونسبًا، وكان زعيمًا من زعماء العرب، حتى أنه قيل فيه:
أحسبت أن أباك يوم هجوته
وسببتني كـ الحارث بن هشام
وفي يوم معركة بدر كان من قادة جيش قريش ضد الرسول صل الله عليه وسلم، وعندما انتصر الرسول في المعركة، وعندما رأى أن المسلمين اقتربوا من النصر، وبأن السيوف تعمل عملها، وعلى الرغم من شجاعته إلا أنه قد فر هاربًا على بغلته، وترك المعركة، وعندما وصل خبر ذلك إلى الشاعر حسان بن ثابت انتهز الفرصة لكي يذكر جبنه في قصيدة قال فيها:
إِن كُنتِ كاذِبَةَ الَّذي حَدَّثتِني
فَنَجَوتِ مَنجى الحَرثِ بنِ هِشامِ
تَرَكَ الأَحِبَّةَ أَن يُقاتِلَ دونَهُم
وَنَجا بِرَأسِ طِمِرَّةٍ وَلِجامِ
جَرداءَ تَمزَعُ في الغُبارِ كَأَنَّها
سِرحانُ غابٍ في ظِلالِ غَمامِ
تَذَرُ العَناجيجَ الجِيادَ بِقَفرَةٍ
مَرَّ الدُموكِ بِمُحصَدٍ وَرِجامِ
مَلَأَت بِهِ الفَرجَينِ فَاِرمَدَّت بِهِ
وَثَوى أَحِبَّتُهُ بِشَرِّ مُقامِ
وَبَنو أَبيهِ وَرَهطُهُ في مَعرَكٍ
نَصَرَ الإِلَهُ بِهِ ذَوي الإِسلامِ
طَحَنَتهُمُ وَاللَهُ يُنفِذُ أَمرَهُ
حَربٌ يُشَبُّ سَعيرُها بِضِرامِ
لَولا الإِلَهُ وَجَريُها لَتَرَكنَهُ
جَزَرَ السِباعِ وَدُسنَهُ بِحَوامي
مِن كُلِّ مَأسورٍ يُشَدُّ صِفادُهُ
صَقرٍ إِذا لاقى الكَتيبَةَ حامي
وَمُجَدَّلٍ لا يَستَجيبُ لِدَعوَةٍ
حَتّى تَزولُ شَوامِخُ الأَعلامِ
وعندما سمع الحارث ما قال فيه حسان بن ثابت تمنى لو أنه قتل في يوم بدر، وأنّه لم يهرب من القتال، على أن يسمع هذه الأبيات، وأنشد أبياتًا من الشعر قال فيها:
الله يعلم ما تركت قتالهم
حتى علوا فرسي بأشقر مُزبد
وعلمت ان أقاتل واحدًا
أقتل ولا يضرر عدوي مشهدي
فصددت عنهم والأحبة دونهم
طمعًا لهم بعقاب يوم مرصد
نبذة عن الشاعر حسان بن ثابت
هو أبو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري، من الخزرج الذين هاجروا من اليمن إلى الحجاز، ولد في المدينة المنورة في عام خمسين قبل الهجرة، وهو من صحابة الرسول صل الله عليه وسلم، وشاعره.
توفي في المدينة المنورة في عام ما بين عامي خمسة وثلاثون وأربعون للهجرة في المدينة المنورة.